هنَ _ خاص
نعي جميعا، وخاصة المرأة والتي بشكل حساس تدرك المعنى الحقيقي لسرطان الثدي، لما له من تبعات صحية ونفسية وعلاجية طويلة. بل وأحيانا يهز ثقتها بنفسها لأن الثدي يعد أحد رموز الأنوثة لأي امرأة. بطبيعة الحال سرطان الثدي أحد أكثر الأورام السرطانية التي يتم التحدث عنها كثيرا، وبلا شك زيادة الوعي والانفتاح على معرفة كافة التفاصيل المتعلقة بهذا المرض أمر جيد في مجتمعاتنا.
طبعا تحدث الإصابة بسرطان الثدي عندما تبدأ بعض الخلايا في الثدي بالتكاثر بصورة خارجة عن السيطرة، مما يؤدي إلى تشكل الأورام. وهنا من الجيد أن تدرك المرأة أنه لا ينبغي بالضرورة أن تشعر كل مريضة بسرطان الثدي بوجود كتلة نسيجية. فأحيانا لا يتسبب سرطان الثدي في مراحله الأولية في ظهور أي كتل نسيجية بالثدي، حيث يمكن أن تشمل التغيرات المبكرة الشعور بالألم أو التورم أو وجود نتؤات بالثدي أو انقلاب الحلمة وارتدادها للداخل مثلا! الأهم من ذلك هو مبادرة المرأة للتشخيص المبكر، خاصة وأن المرض بنفسه يحمل معه الإجهاد البدني والعاطفي الذي تسببه دورات العلاج الكيميائي، وربما العلاج الإشعاعي، والاستئصال المؤلم للثدي. فالكشف المبكر حتما أساسي للتعافي من سرطان الثدي.
مع ذلك فالأسباب الدقيقة لسرطان الثدي ليست مفهومة بشكل كلي، ولكن من المهم التنبيه إلى العوامل المعروفة، والتي تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي، كالعمر، حيث إن تقدم المرأة بالسن يزيد تلك المخاطر، والتعرض للإشعاع؛ فإذا كنت قد تلقيتِ علاجا إشعاعيا على الصدر في مرحلة الطفولة أو الشباب، فإن احتمالية إصابتك بسرطان الثدي تزداد. وهنا السمنة أيضا تزيد من احتمالية الإصابة بسرطان الثدي، ناهيك عن تاريخ العائلة للإصابة بسرطان الثدي، أو -على سبيل المثال – وجود كتلة ثدي غير سرطانية (حميدة) سابقة.
علامات لا تهمليها
بجانب ذلك هنالك بعض العلامات لسرطان الثدي يجب على النساء الانتباه لها جيدا، نذكر منها: وجود كتل: فمكن أن يكون التكتل صلبا أو ناعما أو ثابتا أو حتى متحركا.! صورة أخرى من تلك الأعراض أيضا، هو ألم بثدييك: وقد يكون عندما تقتربين من الدورة الشهرية، ولكن إذا استمر الألم لأكثر من أسبوعين، فيجب وقتها إجراء اختبار. ناهيك عن رؤية أوردة بارزة بشكل مفاجئ فقد تكون علامة على الإصابة بسرطان الثدي. والأهم هنا أنه في بعض الأحيان قد لا تدرك الكثير من النساء أن سرطان الثدي يمكن أن يظهر في شكل تضخم في الغدد الليمفاوية، مثل كتلة أو تورم في أي من الإبطين. ومهما يكن فالتغير في حجم الثدي قد يكون من علامات سرطان الثدي أيضا.
الكشف المبكر طريق النجاة
وهذا بلا شك يؤكد على أهمية التركيز على برامج الكشف المبكر عن سرطان الثدي بحيث يتم التشخيص والعلاج بشكل مبكر. خاصة وأن بعض التوصيات الطبية أكدت على أن تشخيص سرطان الثدي في غضون ستين يوما من المرض الأولي يؤدي إلى تحسين نتائج سرطان الثدي. بل ويجب أن يبدأ العلاج في غضون ثلاثة أشهر من المرض الأول.
لذلك بمجرد أن يتم تشخيص سرطان الثدي، فإن هنالك أسئلة مهمة يجب الإجابة عليها، كمدى انتشار السرطان داخل الثدي؟ وهل-مثلا – هنالك دليل على أن الورم قد انتقل وانتشر إلى مناطق خارج الثدي؟ وعادة ما يتم تحديد مدى الإصابة بالسرطان داخل الثدي من خلال نتائج الخزعة، ونتائج تصوير الثدي بالأشعة السينية، والموجات فوق الصوتية، وفي بعض الحالات نتائج فحص التصوير بالرنين المغناطيسي للثدي. ولأن التشخيص المبكر في هكذا نوع من السرطان، فالكثير من المنظمات الطبية والبحثية، ذهبت إلى أن توصي النساء الآن بالبدء في فحص سرطان الثدي في سن الأربعين بدلاً من السن الموصى به سابقا وهو الخمسين! كما أكدت على إجراء فحص تصوير الثدي بالأشعة السينية كل عامين من سن ٤٠ عاما الى ٧٤عاما.
خاصة وأن رحلة علاج سرطان الثدي بالواقع، رحلة طويلة بداية من الكشف المبكر بالأشعة السينية (الماموجرام)، والذي يتعداه إلى الخضوع للعلاج الكيمائي -مثلا -ليضمر حجم الكتلة قبل إجراء جراحة الاستئصال، وهي صدقا فترة صعبة مليئة بالآلام، يليه أحيانا أخرى الخضوع للعلاج الإشعاعي، وما يتبعه ربما من علاج هرموني قد يصل لسنوات. لذلك، دائما ما أذكر النساء بأنه لا يجب أن تختصري الوقت وتهملي أي عارض تشعرين به، بل اذهبي للمؤسسات الصحية المختصة بالكشف المبكر لتحصلي على تشخيص سليم. فالكشف المبكر أساسي للتعافي من سرطان الثدي.
ختاما، شاركي أسرتك آلامك ومرضك، واطلبي دعمهم، ولا تستسلمي لمرض سرطان الثدي، واصبري، وتحلي بالتفاؤل، والأمل طوال الوقت. ودائما ما أقول لأي مريض ركز وركزي، على نهاية رحلة العلاج، وليس على خطوات الرحلة!
د. يوسف بن علي الملا
طبيب-مبتكر وكاتب طبي.
Twitter:@DrYousufAlmull3
