هنّ _ خاص
تُعتبر طاهرة جمال عازفة الكمان الأولى في عُمان، حيث تمتلك خبرة تمتد لأكثر من ثلاثين عاماً في عالم الموسيقى. بالنسبة لها، الكمان ليس مجرد أداة موسيقية، بل هو وسيلة للتواصل العميق مع الجمهور وأداة تعبير عن مشاعرها الداخلية. تتمتع بمهارات استثنائية في العزف المنفرد والجماعي مع العديد من الفرق الأوركسترالية، حيث تحمل كل تجربة منها طابعها الفريد. وعندما تصعد طاهرة على المسرح، تدهش الحضور بعزفها الرائع وحسها الفني الرفيع، وكأنها وكمانها توأمان حقيقيان متناغمان.
نشأت طاهرة بنت جمال البلوشية في عائلة موسيقية، حيث كان والدها عازف “سكسوفون”، مما أثّر في شغفها بالموسيقى منذ الصغر. وهي عضو بارز في فرقة دار الأوبرا السلطانية، وقد شاركت في العديد من الفعاليات الدولية، منها افتتاح الملعب المونديالي في قطر 2018. ومؤخراً، كان لها مشاركة مميزة حيث عزفت منفردة على المسرح الكبير في دار الأوبرا المصرية خلال الدورة الـ32 من مهرجان الموسيقى العربية. في هذا الحوار، نستكشف مسيرتها الفنية وتجربتها المميزة في عالم الموسيقى:
بدايةً، حدثينا عن بداياتك في عالم الموسيقى، كيف بدأت رحلتك مع آلة الكمان؟
بدأت رحلتي مع آلة الكمان في سن الحادية عشرة، حيث كانت الموسيقى جزءًا أساسيًا من حياتنا العائلية. تأثرت كثيرًا بوالدي الذي كان يعشق الألحان الوطنية، خاصة الأغاني التي تمدح السلطان قابوس طيب الله ثراه، وكان يرددها باستمرار، مما جعلني أحفظ الألحان بسهولة. في تلك الفترة، عرض والدي عليّ الانضمام إلى الفرقة النسائية الخاصة بالفرقة السلطانية. انضممت مع شقيقاتي في بداية تشكيلها، وتم اختياري لأكون جزءًا منها، وكانت هذه هي الخطوة الأولى في رحلتي الموسيقية.
ماذا يعني لكِ أن تكوني عازفة الكمان الأولى في عُمان؟ وكيف أثّر ذلك على مسيرتك الفنية؟
حصلت على لقب “عازفة كمان أولى” من المراسم السلطانية في الفرقة السلطانية العمانية منذ عام 2012 هوهذا ما أعتبره شرفاً عظيماً لي. لقد أثر ذلك بشكل إيجابي على مسيرتي الفنية، حيث أتاح لي الفرصة للمشاركة في الفعاليات الكبرى وأظهر قدراتي أمام جمهور واسع.
اختيارك للون الشرقي في عزف الكمان يعكس ارتباطك بالتراث، ما الذي دفعك للحفاظ على هذا الطابع الموسيقي؟
اختياري للّون الشرقي ينبع من حبي لتراثنا الموسيقي الغني، ورغبتي في إعادة تقديمه بطريقة تلامس القلوب. أسعى للحفاظ على هذا الطابع لأنني أؤمن بأهمية الحفاظ على هويتنا الثقافية.
ما هو الدور الذي لعبته عائلتك في دعمك لمواصلة مسيرتك الموسيقية، خاصة وأن والدك كان موسيقيًا؟
عائلتي كانت الحافز الأساسي لي في مشواري الموسيقي. كان والدي يعزف الألحان الوطنية، وهذا أعطاني دافعًا كبيرًا. بالإضافة إلى ذلك، لدي أخوات في المجال، أخت تعزف على آلة القانون، وأخرى على الكمان، وأخ يعزف على آلة التشيلو، مما خلق بيئة موسيقية محفزة.
شاركتِ في العديد من الفعاليات الدولية مثل مونديال قطر ودار الأوبرا المصرية. كيف تصفين هذه التجارب وما الأثر الذي تركته عليكِ؟
تلك التجارب كانت مميزة للغاية. العزف أمام جمهور كبير في أحداث مثل مونديال قطر ودار الأوبرا المصرية زاد من ثقتي بنفسي وأثرى تجربتي الفنية. كل فعالية كانت فرصة لتعلم شيء جديد وتوسيع آفاقي.
أنت أول عمانية تحظى بفرصة أن تكون عازفة كمان “منفردة” في الدورة الـ32 من مهرجان الموسيقى العربية، ما الذي جعل هذه المشاركة مميزة بالنسبة لك؟
قبل أيام، وتحديداً في 14 أكتوبر، شاركت لأول مرة في الدورة الـ32 من مهرجان الموسيقى العربية كعازفة كمان منفردة. كان لي شرف تقديم وصلة موسيقية من روائع كوكب الشرق أم كلثوم، في تجربة تُعد مميزة للغاية بالنسبة لي. هذه المشاركة كانت فريدة، حيث عزفت للمرة الأولى مع فرقة الحفني تحت قيادة المايسترو هشام نبوي، وهو تعاون طالما كنت متحمسة له. أود أن أشكر الأستاذة علا الحفني وكل من منحني هذه الفرصة الرائعة. لقد كان لي شرف إعادة تقديم هذا التراث الموسيقي الخالد بروحي ولمساتي الخاصة.
ما هي مشاعرك حيال مشاركتك في الدورة الحالية من مهرجان الموسيقى العربية؟
أشعر بسعادة غامرة لمشاركتي في الدورة الحالية من مهرجان الموسيقى العربية، حيث تمثل لي هذه الفرصة الاستثنائية منصة لإظهار إبداعي الموسيقي أمام جمهور يعتز بالفن العربي الأصيل. في السابق، كان لي الشرف أن أشارك في المهرجان مع الفرقة السلطانية العمانية، حيث قدمت معزوفة “الجندول” للموسيقار محمد عبد الوهاب، إلى جانب مجموعة من المعزوفات العمانية الأصيلة والعربية في دار الأوبرا المصرية. كانت تلك التجربة رائعة حقًا وحازت على إعجاب الجمهور. وعلى الرغم من أن مشاركاتي مع الفرقة السلطانية قد تكررت، إلا أنني أشعر بتميز خاص هذه المرة، حيث عزفت لأول مرة مع فرقة الحفني، مما جعل هذه التجربة جديدة ومميزة بالنسبة لي.
تحدثتِ سابقًا عن شعورك بأن الكمان “أداة تليق بالأنثى”. هل يمكنك أن توضحي لنا أكثر هذا الإحساس؟
أعتبر الكمان أداة تعبر عن المشاعر والأحاسيس، وهو ما يجعلني أشعر أنه يتناسب مع الأنثى. إن العزف على الكمان يسمح لي بالتعبير عن نفسي بطريقة فنية عميقة.
من خلال مشوارك الموسيقي الذي يمتد لأكثر من 30 عاماً، ما هي التحديات التي واجهتك كامرأة في هذا المجال؟
واجهت العديد من التحديات، لكنني تعلمت كيف أواجهها بالعزيمة والإصرار. كانت هناك أوقات شعرت فيها أن التقاليد قد تكون عائقًا، لكنني كنت مصممة على تحقيق أهدافي.
كيف ترين دور المرأة العمانية في مجالات الفن والموسيقى؟ وما هي رسالتك للنساء العمانيات اللواتي يرغبن في دخول هذا المجال؟
دور المرأة العمانية في الفن والموسيقى يتزايد يومًا بعد يوم. أؤمن أن كل امرأة قادرة على تحقيق أحلامها في هذا المجال. رسالتي لهن هي: لا تترددي، تابعي شغفك وكوني جريئة في سعيك نحو النجاح.
ما هي أبرز اللحظات أو الإنجازات التي تفتخرين بها خلال مسيرتك الفنية؟
أشعر بالفخر لأنني عزفت أمام الملوك والرؤساء خلال فترة وجودي في الفرقة السلطانية (المراسم السلطانية). كذلك، كانت مشاركتي في مهرجان الموسيقى العربية والعزف في دار الأوبرا المصرية لحظات فارقة ومميزة في مسيرتي الفنية.
أين ترين نفسكِ في المستقبل؟ وهل هناك مشاريع فنية جديدة تعملين عليها حاليًا؟
أطمح للتعاون مع فرق أوركسترالية على مستوى عالمي، ولدي رغبة في تكوين فرقة موسيقية خاصة بي. كانت لدي تجارب عديدة في هذا المجال وأسعى لتوسيعها في المستقبل.
الانستغرام: tahra_jamal