في عصرنا الحالي، حيث تنتشر الحميات الغذائية المتنوعة، يبرز النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط كخيار مفيد وعريق لصحة المرأة. الدكتورة فرح علي، أخصائية التغذية ذات الخبرة التي تزيد عن 12 عامًا في معالجة البدانة والأمراض المزمنة، تلقي الضوء على فوائد هذا النظام الذي يعتمد بشكل كبير على الأطعمة التقليدية لمناطق مثل اليونان، إيطاليا، فرنسا، وغيرها.

الأنظمة الغذائية وثقافات الشعوب: تأثير النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط

الأنظمة الغذائية لطالما شكلت جزءًا من ثقافات وحضارات الشعوب عبر التاريخ، حيث عبرت مطابخ عريقة مثل المطبخ الفرنسي والتركي والإيطالي والسوري والهندي، بأشكال متعددة عن هذه الثقافات. حديثًا، أكدت العديد من الدراسات – التي استهدفت فهم تأثير الأنظمة الغذائية على صحة النساء وإطالة أعمارهن – أن السيدات اللاتي اتبعن نظام البحر الأبيض المتوسط قلت لديهن مخاطر الوفاة المبكرة بنسبة تصل إلى 20%، مما يزيد متوسط أعمارهن بنحو 16 عامًا مقارنة بنظيراتهن اللواتي اختارن حميات غذائية أخرى. يعزى السبب الرئيسي لهذا الفارق إلى غنى هذا النظام بالدهون الصحية، الألياف، ومضادات الأكسدة، والذي يستند بشكل أساسي على الأطعمة التقليدية لبلدان البحر الأبيض المتوسط، مثل اليونان، إيطاليا، فرنسا، قبرص، تركيا، وبعض البلدان العربية.

فوائد صحية متعددة: دراسات تؤكد فوائد النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط

وجد الباحثون أن سكان مناطق البحر الأبيض المتوسط يتمتعون بأجسام أكثر صحة وأطول عمرًا مقارنة بسكان مناطق أخرى في العالم. كما توصلت الدراسات إلى أنهم أقل عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة التي تُعد من المسببات الرئيسية للوفيات في العالم، مثل مشاكل الدم وسوائل الجسم الأخرى التي تصاحب أمراض السكري والأمراض القلبية والسرطان.

مكونات النظام الغذائي: توازن مثالي لصحة المرأة

النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط لا يتطلب تقييدًا كبيرًا للسعرات الحرارية أو تحديد كميات الطعام بشكل دقيق، على عكس الحميات الأخرى التي تهدف إما للحفاظ على الوزن أو لخفضه. يعتمد هذا النظام الغذائي بشكل أساسي على الأطعمة النباتية مثل الخضار بألوانها المتنوعة، والفواكه الموسمية، والمكسرات. كما يشمل زيت الزيتون كمصدر رئيسي للدهون، إضافة إلى الأسماك والمأكولات البحرية، والدواجن كمصادر للبروتين الجيد. بالإضافة إلى ذلك، يشتمل على البيض ومنتجات الألبان مثل الروب الغني بالخمائر اللبنية والأجبان.

تعتمد كربوهيدرات هذا النظام الغذائي الصحي على الحبوب الكاملة والبقوليات مثل الحمص والفول والفاصولياء، بالإضافة إلى استخدام التوابل والأعشاب كمنكهات وبديل عن الملح المضاف.

استعادة التقاليد: النظام الغذائي كركيزة للصحة الطويلة

وأنا أؤكد على أهمية هذه المكونات لصحة المرأة، خاصة فيما يتعلق بتنظيم الهرمونات، وسأتناول هذا الموضوع بالتفصيل في مقالات لاحقة. يتميز النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط بعدم تضمين كميات كبيرة من اللحوم الحمراء، ولا يتضمن كميات مفرطة من الملح المضاف، ويتجنب الدهون المتحولة والسكريات الموجودة في المنتجات الغذائية المصنعة، والحبوب المكررة مثل القمح المقشور والخبز الأبيض والمعجنات والأطعمة المعالجة والحلويات واللحوم المعلبة والمشروبات الغازية وغيرها.

وأخيرًا، يُنصح بالعودة إلى الأطباق التقليدية العريقة التي كانت سببًا في العمر الطويل والصحة القوية لأجدادنا. أعتقد أن استعادة نمط حياتنا القديم يمكن أن يُسهم في تجنب الكثير من المشكلات الصحية، خاصة فيما يتعلق بأمراض العصر الحديث.