spot_img
المزيد

    من بذرة صغيرة إلى ورشة ملهمة… حكاية غيداء الحارثي مع الزراعة

    spot_img

    هنّ _ خاص

    بين تقليب التربة وظهور النباتات الصغيرة، تكتشف غيداء الحارثي جمال الطبيعة وروحها المتجددة. مؤسِسة Plant with Ghaidaa، حوّلت شغفها بالنباتات إلى ورش وتجارب تعليمية مبتكرة، ألهمت أكثر من 700 شخص لاكتشاف عالم الزراعة بطريقة ممتعة وتفاعلية. في هذا الحوار، نغوص في بداياتها ورؤيتها، ونتعرف على طريقتها الفريدة في تحويل الزراعة إلى متعة تعليمية ومصدر للطاقة الإيجابية للجميع.

    غيداء، أخبرينا عن بدايتك مع الزراعة، كيف وُلد هذا الشغف الجميل؟

    بدايتي كانت بسيطة جدًا ومليئة بالفضول. منذ طفولتي كنت أستمتع بمراقبة النباتات في بيتنا، يدهشني كيف تكبر يومًا بعد يوم، وكأن لكل نبتة حكايتها الخاصة.

    لكن الشغف الحقيقي وُلد خلال فترة كوفيد-19، عندما زرعت أول نبتة بيدي وشاهدتها تنمو. تلك اللحظة غيّرت نظرتي تمامًا، شعرت أن الزراعة ليست مجرد هواية، بل علاقة عميقة بين الإنسان والطبيعة.

    ومع مرور الوقت، صار هدفي أن أشارك هذا الإحساس مع الآخرين، خاصة المبتدئين، وأُثبت أن الزراعة ليست أمرًا معقدًا كما يظن البعض، بل تجربة ممتعة تبعث على الراحة والطاقة الإيجابية.

    ما الذي يجعل الزراعة بالنسبة لك أكثر من مجرد هواية؟

    الزراعة بالنسبة لي ليست مجرد هواية، بل مساحة أجد فيها راحتي واتزاني، وأستعيد من خلالها تواصلي مع نفسي ومع الطبيعة من حولي.

    كل نبتة أزرعها تذكّرني بأن النمو يحتاج إلى وقت وصبر واهتمام، تمامًا كما نحن البشر.

    ومن خلال Plant with Ghaidaa أصبحت الزراعة وسيلتي لمشاركة هذا الإحساس الجميل، ولأُظهر أن الزراعة ليست فقط لتجميل المكان، بل هي تجربة عميقة تُعلّمنا التوازن والمسؤولية والامتنان لكل تفصيلة بسيطة في حياتنا.

     ورشاتك الزراعية أصبحت معروفة ومحبوبة، ما الذي يميزها عن غيرها؟

    ورشاتي الزراعية تتميّز بأنها تجمع بين المتعة والتعلّم في تجربة تفاعلية ومُلهمة. المشارك لا يكتفي بالمشاهدة أو الاستماع، بل يعيش رحلة مليئة بالفضول والاكتشاف، نبدأ فيها من أبسط الأسئلة التي تراود كل مبتدئ، لنحوّلها إلى خطوات عملية وتجارب واقعية داخل الورشة.

    صممت هذه الورش لتكون دليلاً متكاملاً للمبتدئين، بحيث يتعلم المشارك كل ما يحتاجه ليبدأ بثقة — من معرفة أنواع التربة والأسمدة، إلى الزراعة من البذور، والتعرّف على الحشرات النافعة والضارة، وغيرها من الأساسيات الضرورية.

    وأعتبر نفسي من الرائدات في هذا المجال، لأن هدفي لم يكن مجرد تعليم الزراعة، بل زرع حبّها في قلوب المشاركين، وبناء أساس متين يُلهمهم لاكتشاف عالم النباتات والحياة المستدامة بروحٍ جديدة وشغفٍ دائم.

    من هم الأشخاص الذين تحبين استهدافهم أكثر في ورشك؟ وهل تجدين أن النساء يتفاعلن مع هذا النوع من الورش؟

    نرحب في ورشنا بكل من يشاركنا حبّ الطبيعة وشغف النباتات، لكن تركيزنا الأكبر يكون على الهواة والمبتدئين الذين يمتلكون الرغبة الصادقة في التعلم والالتزام، ويبحثون عن دفعة بسيطة لتحويل اهتمامهم بالزراعة إلى عادة جميلة ومستدامة.

    ومن تجربتنا، نلاحظ أن النساء أكثر تفاعلًا في هذا النوع من الورش؛ فهن يستمتعن بالتطبيق العملي، ويتابعن نمو نباتاتهن بشغف داخل منازلهن، ويشاركن تجاربهن بروح من الحماس والتشجيع، مما يخلق جوًا دافئًا وتفاعليًا يلهم الجميع.

    ندعو كل من ترغب بخوض هذه التجربة إلى الانضمام إلينا لتعلّم أساسيات الزراعة المنزلية من التربة والسقي، إلى إعادة التجذير والعناية بالنبات بكل حب.

    هل تتذكرين أول ورشة قدمتها؟ وكيف كان شعورك بعد انتهائها؟

    أول ورشة قدمتها كانت للأطفال، ولا أنسى حماسي وقتها عندما أُعلن عنها وبدأت أستقبل التسجيلات الأولى. شعرت بسعادة غامرة لأن هناك من يهتم فعلًا بهذا النوع من التجارب التعليمية.

    كان الأطفال منبهرين بكل تفصيلة — من لمس التربة إلى رؤية النباتات أمامهم، وكانوا يزرعون ويضحكون ويسألون بحماس طيلة الوقت.

    انتهت الورشة وأنا أشعر بامتنان عميق؛ أحسست أنني لم أُعلّمهم فقط كيف يزرعون، بل زرعت فيهم حب الزراعة وروح الارتباط الجميل بالطبيعة.

     نعلم أن أكثر من 700 شخص استفادوا من برامجك، ما أكثر تعليق أو تجربة مؤثرة بقيت في ذاكرتك؟

    أكثر ما يلامس قلبي هو حماس المشتركين بعد انتهاء الورش، حين يرسلون لي صور نباتاتهم وكيف نمت وتطورت معهم.

    في تلك اللحظات أشعر أن الورشة لم تنتهِ فعليًا، بل كانت بداية رحلة جميلة تربطهم بالزراعة وتُعمّق علاقتهم بالطبيعة.

    هذا التواصل واستمرار الشغف هو أكثر ما يُلهمني ويدفعني للاستمرار، لأنه يثبت أن ما نقدمه يترك أثرًا حقيقيًا في حياتهم.

     تعاونتِ مؤخراً مع “سعف” وقدمتِ ركناً زراعياً يعبر عن روح الأرض، كيف كانت تلك التجربة؟

    التجربة مع «سعف» كانت مميزة بكل تفاصيلها، فقد جمعنا شغف واحد بالطبيعة وبالمنتجات المحلية، وسعينا معًا لابتكار ركن زراعي يعبر عن روح الأرض بطريقة دافئة وأصيلة.

    اخترنا شجرة اللبان كنبتة رمزية من البيئة العُمانية، لتجسيد الترابط العميق بين الجمال والبساطة والطبيعة.

    الأجمل كان تفاعل الزوار؛ كثير منهم توقفوا يتأملون التفاصيل، يشمون رائحة التربة، ويسألون عن النبتة بشغف. كانت لحظات مليئة بالمشاعر، شعرت فيها بأن الركن لم يكن مجرد عرض، بل تجربة حيّة تنبض بالدفء وتُعبّر عن هويتنا الزراعية العُمانية التي أفتخر بها كثيرًا.

    عندما تنسقين ركن الزراعي أو توزيعات الطبيعية، ما الفكرة التي تحبين إيصالها من خلالها؟

    الفكرة التي أحب إيصالها من خلال كل ركن زراعي أو توزيعة طبيعية هي أن الزراعة ليست أمرًا معقدًا كما يظن البعض.

    أحرص دائمًا على اختيار نباتات سهلة العناية، لا تحتاج إلى تعليمات كثيرة، حتى يشعر الجميع — حتى من يجرّب الزراعة لأول مرة — أن التجربة بسيطة وممتعة وقريبة منهم. هدفي أن يلمس الناس جمال الزراعة في بساطتها، ويكتشفوا أن لمسة صغيرة من الخضرة كفيلة بأن تُضيف لحياتهم طاقة وبهجة.

    هل تواجهين تحديات في عملك، خاصة في توصيل فكرة أن الزراعة يمكن أن تكون أسلوب حياة بسيط وممتع؟

    أكيد، هناك الكثير من التحديات، وأبرزها أن بعض الناس ما زالوا يعتقدون أن الزراعة أمر معقد أو يحتاج خبرة كبيرة.

    جزء من دوري هو تغيير هذا التصوّر، وإيصال فكرة أن الزراعة ممكنة للجميع، ولا تتطلب مساحة واسعة أو أدوات متخصصة — فقط نية صادقة واهتمام بسيط.

    أؤمن أن التحدي الحقيقي هو أن تزرع الفكرة قبل أن تزرع النبتة، أن تجعل الشخص يشعر بأن الزراعة تجربة مريحة تُبعده عن ضغوط الحياة وتقربه من الطبيعة.

    وعندما أتلقى رسالة من أحد المشاركين ومعها صورة أول نبتة زرعها، أعرف حينها أن كل الجهد كان يستحق، وأن البذرة التي زرعتها في قلوبهم بدأت تنمو فعلًا.

     ما أكثر نوع من النباتات تحبين العناية به؟ وهل لديكِ “نبتة مفضلة” لا تستغنين عنها؟

    ليس هناك نبتة مفضلة بعينها، لكن أكثر ما يجذبني هي النباتات ذات الأوراق الكبيرة والخضراء.

    أشعر أنها تبثّ طاقة من الحياة والسكينة في المكان، وتمنحه لمسة طبيعية فخمة وكأنها قطعة ديكور حيّة تنبض بالجمال والانسجام مع الطبيعة.

     هل تفضلين زراعة النباتات الداخلية أم الخارجية ولماذا

    أُفضّل النباتات الداخلية أكثر، لأنها ترافقني طوال السنة وتُضفي دفئًا وجمالًا على المكان، كما تمنح شعورًا بالهدوء والطاقة الإيجابية داخل البيت.

    بالرغم من حبي للنباتات الخارجية، إلا أن الداخلية لها جو خاص ومريح يجعلها قريبة جدًا من قلبي.

    كيف ترين تفاعل المجتمع العماني مع الزراعة المنزلية مؤخرًا؟ هل تلاحظين زيادة في الاهتمام؟

    المجتمع العُماني بطبيعته مرتبط بالزراعة؛ هذا الحب متجذر فينا منذ أيام أجدادنا وجدّاتنا الذين كانوا يحرثون الأرض ويزرعونها بشغف.

    واليوم نكمل هذا الإرث بأسلوب عصري وممتع، والجميل أن الاهتمام بالزراعة المنزلية أصبح واضحًا أكثر من أي وقت مضى. أصبح لكل بيت نبتة تُضيف لمسة حياة وهدوء، وكأنها جزء من روح المكان.

     أخيراً، لو طلبنا منكِ أن تصفي الزراعة بكلمة واحدة، ماذا ستكون؟ ولماذا؟

    لو طلب مني أن أصف الزراعة بكلمة واحدة، فهي الصبر.

    لأن الزراعة تعلمنا أن كل شيء جميل يحتاج إلى وقت لينمو من بذرة صغيرة إلى زهرة متفتحة، تمامًا مثل أحلامنا وطموحاتنا في الحياة.

    الانستغرام: plantwithghaidaa

    انشر على السوشيال
    تاجز
    spot_img

    الأكثر قراءة

    العارضة “ثريا محمود”: جمال وموهبة يلفتان الأنظار

    تعد ثريا محمود من الشابات الجميلات اللواتي يقدمن محتوى مميزاً على وسائل التواصل الاجتماعي وهي تعمل كموديل مع خبيرات التجميل ومصممات الأزياء العمانيات.

    الفرق بين اللوس باودر والكومباكت باودر مع خبيرة التجميل ابتسام الفليتية

    تُعتبر اللوس باودر والكومباكت باودر من أهم أدوات التجميل التي تساعد على إطالة ثبات المكياج وتحسين مظهر البشرة. سنتعرف في هذا الموضوع على الفرق...

    “دي جي” حبيبة راشد.. مبدعة تشعل أجواء الحفلات  

    هنّ _ خاص حبيبة راشد امرأة عمانية متعددة المواهب والتخصصات، تعمل كمنسقة أغاني في الحفلات وبلوجر وفاشينيستا وهي أيضا ممرضة. إنها فنانة موهوبة متعددة المهارات،...
    spot_img

    المزيد

    ترك الرد

    من فضلك ادخل تعليقك
    من فضلك ادخل اسمك هنا