spot_img
المزيد

    نجمة السريرية: المرأة العُمانية بين الأصالة والمعاصرة.. شراكة في البناء واستدامة في العطاء

    spot_img

    هنّ _ خاص

    الدكتورة نجمة السريرية واحدة من الشخصيات العمانية التي تركت بصمة واضحة في المشهد النسائي والفكري، تجمع بين العمق الأكاديمي والخبرة العملية في الإعلام وشؤون المرأة. هي إعلامية متمرسة، مستشارة أسرية، باحثة في قضايا المرأة، ونائب رئيس مجلس إدارة جمعية حماية المستهلك.

    حصلت على الدكتوراه في الإعلام من جامعة القاهرة عام 2019، بعد أن نالت الماجستير عام 2015 من معهد البحوث والدراسات العربية، والبكالوريوس في العلاقات العامة من كلية الإعلام بجامعة القاهرة عام 2009. عملت لأكثر من ستة وعشرين عامًا في القطاع الحكومي، كان آخرها في مكتب ممثل جلالة السلطان بوظيفة تخصصية أولى علاقات عامة وإعلام.

    تواصل الدكتورة نجمة اليوم عطاءها كـ مدربة في التنمية البشرية والإتيكيت والبروتوكول، إلى جانب نشاطها البارز في قضايا المرأة وحقوق الإنسان والأعمال التطوعية. شاركت في مؤتمرات محلية ودولية وقدّمت أوراق عمل وورش تدريبية لمؤسسات حكومية وخاصة داخل سلطنة عمان وخارجها، كما نُشرت مقالاتها في عدد من الصحف والمجلات العمانية. المزيد عنها ومعها في هذا الحوار:

    لها عدة مؤلفات أبرزها: الإعلام العماني وقضايا المرأة. الإعلام وحقوق الإنسان. معالجة وسائل الإعلام العمانية لقضايا المرأة ودورها في تشكيل معارف واتجاهات الجمهور نحوها – وزارة التنمية الاجتماعية.

    في هذا الحوار الخاص، نغوص مع الدكتورة نجمة في عالم من الأفكار والتجارب التي تمس حياة المرأة العمانية المعاصرة، من الاستقلال المالي والتوازن بين الأسرة والطموح، إلى قضايا الوعي الأسري والاجتماعي، لنكشف عن رؤية ملهمة، مليئة بالمعرفة والخبرة والإيمان بدور المرأة في بناء الوطن.

    دكتورة نجمة، مسيرتك تجمع بين الإعلام والعمل الأسري والتربوي. كيف استطعتِ تحقيق هذا التناغم بين المهنة والرسالة؟

    الإعلام بطبيعته مهنة تحمل رسائل وتؤثر في الرأي العام، بينما الاستشارات الأسرية تقوم على الفهم العميق للنفس الإنسانية ولعلاقاتها الاجتماعية. الجمع بين المجالين لم يكن مجرد صدفة، بل جاء من إيمان راسخ بأن الإعلام وسيلة للتغيير الاجتماعي، وأن التغيير يبدأ من الأسرة باعتبارها النواة الأولى للمجتمع.

    لقد ساعدتني تجربتي الإعلامية على امتلاك مهارات التواصل، الإقناع، وإدارة الحوار، وهي مهارات انعكست بشكل مباشر على عملي الاستشاري. وفي المقابل، منحتني الاستشارات الأسرية والتربوية فهماً واقعياً لاحتياجات الناس ومشكلاتهم، مما جعل محتواي الإعلامي أكثر قرباً من المتلقي، بعيداً عن التنظير.

    هذا التكامل يعكس ما يسميه الباحثون بـ التخصص البيني (Interdisciplinary Practice)، حيث تلتقي العلوم الإنسانية بالإعلام لتنتج خطاباً أقرب إلى الواقع وأكثر تأثيراً في التوجيه المجتمعي.

    ونحن نحتفل بيوم المرأة العمانية، كيف تنظرين إلى رحلتك الشخصية في هذا السياق؟ وما الذي يرمز إليه هذا اليوم بالنسبة لك كإعلامية ومستشارة؟

    يوم المرأة العُمانية يمثل اعترافاً مؤسسياً ومجتمعياً بقيمة ما أنجزته المرأة، وهو جزء من مشروع وطني متكامل لتمكينها ضمن رؤية عُمان 2040.

    بالنسبة لي، هو أكثر من مجرد احتفاء؛ إنه مساحة لتقييم الذات ومراجعة الإنجازات، وفرصة لإبراز قصص النجاح النسائية التي تُلهم الأجيال الجديدة. من الناحية الإعلامية، يعد هذا اليوم فرصة لطرح قضايا المرأة من زاوية أكثر شمولية بعيداً عن الخطاب التقليدي. أما من الناحية الاستشارية، فهو لحظة للتأكيد على أن نجاح المرأة لا يتناقض مع دورها الأسري، بل يعززه.

    هذا اليوم يرمز إلى توازن الهوية العُمانية؛ فالمرأة فيه أم وزوجة وقيادية ومبدعة في الوقت نفسه، مما يؤكد خصوصية التجربة العُمانية في التعامل مع قضايا المرأة.

    تحدثتِ سابقًا عن أهمية الاستقلال المالي للمرأة. ما الخط الفاصل بين استقلالها الاقتصادي والحفاظ على الانسجام الأسري؟

    الاستقلال المالي لا يعني الانفصال، بل يمثل ركيزة أمان اقتصادي للمرأة والأسرة معاً. في الدراسات الأسرية، يشار إلى أن التحديات لا تنشأ من الاستقلال المالي ذاته، بل من سوء إدارة الأدوار داخل الأسرة.

    الخط الفاصل يكمن في مدى قدرة الطرفين على إدارة العلاقة المالية بروح من الشراكة. فإذا استُخدم الاستقلال المالي كوسيلة دعم للأسرة فهو يرسخ الاستقرار، أما إذا تحوّل إلى مصدر للندية والتنافس فقد يخلق فجوة بين الزوجين.

    إذن، المسألة ليست “امتلاك المال” بقدر ما هي “كيفية توظيفه” ضمن إطار الأسرة. فالرجل يبقى سنداً وشريكاً، والمرأة تبقى دعامة أساسية، وكلاهما مسؤول عن الحفاظ على الانسجام.

    في ظل تغير الظروف المعيشية، ما رأيك في التشارك المالي بين الزوجين؟ هل هو شكل من أشكال التعاون العصري أم مؤشر لتبدّل الأدوار داخل الأسرة؟

    التشارك المالي هو في جوهره تعاون عصري فرضته الظروف الاقتصادية والاجتماعية، لكنه لا يلغي الخصوصية الفردية للأدوار. ففي المجتمعات الحديثة، تحوّل الزواج من كونه “تقاسم أدوار جامدة” إلى “شراكة مرنة”، حيث يتوزع العبء المالي وفقاً للإمكانات والاتفاقات بين الزوجين.

    الدراسات في علم الاجتماع الأسري تشير إلى أن المصارحة المسبقة بشأن الالتزامات المالية تقلل من معدلات الخلافات الزوجية بنسبة كبيرة. لذا، فإن التشارك المالي لا يمثل تبدلاً سلبياً في الأدوار، بل هو تحول ثقافي نحو مفهوم الشراكة، شرط أن يتم بوعي وتوازن.

    بصفتكِ مستشارة أسرية، ما أكثر القضايا التي ترد إليك من الأسر العمانية؟ وهل تعتقدين أن سببها مادي أم نفسي أم فكري؟

    من خلال تجربتي العملية، وجدت أن أغلب القضايا تعود إلى فجوة بين التوقعات والواقع، لا سيما بين الجيل الجديد. كثير من الشباب يدخلون الحياة الزوجية متأثرين بالصور الوردية التي ترسمها الدراما ووسائل التواصل الاجتماعي، فيصطدمون بالمسؤوليات الواقعية من التزامات مادية وضغوط حياتية.

    إذن، جوهر المشكلة غالباً فكري/نفسي أكثر من كونه مادياً. كما أن ضعف مهارات التواصل بين الأزواج يزيد من تفاقم الخلافات. لذلك، أرى أن الحاجة ماسة إلى برامج وطنية لتأهيل المقبلين على الزواج، تدمج بين التوعية النفسية والمهارات الحياتية.

    المرأة اليوم تسعى للتوازن بين بيتها وطموحها. برأيك، ما المعادلة الواقعية لتحقيق هذا التوازن دون أن تفقد ذاتها؟

    التوازن لا يعني أن تُقسم المرأة وقتها بالتساوي بين البيت والعمل، بل أن تحقق انسجاماً داخلياً يجعلها قادرة على النجاح في كلا المجالين دون فقدان ذاتها.

    المعادلة الواقعية تقوم على:

    1. الدعم الأسري (زوج متفهم وأسرة مساندة).

    2. المرونة التنظيمية (إدارة الوقت وتحديد الأولويات) .

    3. المناعة النفسية (القدرة على مواجهة الضغوط دون أن تفقد توازنها).

    من منظور علم النفس الإيجابي، التوازن يتحقق عندما تعيش المرأة حياتها وفق قيمها الجوهرية، لا وفق توقعات الآخرين فقط.

    من خلال تطوعك في جمعية حماية المستهلك، ما الملاحظات التي تودين توجيهها للنساء حول أسلوب الإنفاق والاستهلاك الذكي؟

    من خلال تجربتي التطوعية في جمعية حماية المستهلك، لاحظت أن أبرز المشكلات في السلوك الاستهلاكي لدى العديد من الأسر تكمن في غياب التخطيط المالي الواضح، إذ يُنفق الكثيرون دون ميزانية محددة، كما تميل بعض النساء إلى الشراء بدافع عاطفي أكثر من الحاجة الفعلية. لذلك، أنصح بضرورة وضع ميزانية شهرية مرنة تُحدَّد فيها الأولويات بدقة، والتمييز بين ما هو ضروري وما هو رغبة آنية، مع الحرص على مقارنة الأسعار وجودة المنتجات قبل الشراء. كما ينبغي تجنب التسوق كوسيلة للتفريغ النفسي، وتعزيز الوعي بالاستهلاك الرقمي لمواجهة الكمّ الهائل من الإعلانات المؤثرة. فالاستهلاك الذكي لا يعني الحرمان، بل هو أسلوب واعٍ لإدارة الموارد يضمن استقرار الأسرة وتوازنها المالي.

    كيف تقيمين صورة المرأة العمانية في الإعلام؟ وهل تجدين أن حضورها في البرامج والمنصات يعكس قيمتها الحقيقية؟

    صورة المرأة العُمانية في الإعلام شهدت تحسناً واضحاً خلال العقدين الماضيين؛ فقد انتقلت من الحضور الرمزي إلى الحضور الفاعل. نراها اليوم إعلامية، مذيعة، كاتبة، رائدة أعمال، وأكاديمية.

    لكن التحدي يكمن في استدامة هذا الحضور النوعي، أي أن يكون قائماً على الكفاءة والإنجاز لا على الشكل أو الحضور الصوري. لا يزال هناك حاجة إلى المزيد من إنتاج محتوى يبرز النماذج الواقعية للمرأة العُمانية في مختلف الميادين.

    مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، هل أصبحت المرأة أكثر وعيًا بحقوقها أم أكثر تأثرًا بصور نمطية جديدة؟

    وسائل التواصل الاجتماعي مثل السلاح ذي الحدين: من جهة، ساعدت على رفع وعي المرأة بحقوقها وفرصها، وأعطتها منصة للتعبير عن ذاتها وإيصال صوتها.

    من جهة أخرى، خلقت صوراً نمطية جديدة، تقوم على المقارنات السطحية والمظاهر المثالية التي تؤدي أحياناً إلى ضغوط نفسية وإحباط.

    المطلوب هو تعزيز التربية الإعلامية (Media Literacy) لدى النساء، ليتمكنّ من التمييز بين المحتوى الهادف والمحتوى المضلل.

    ما الرسالة التي تودين توجيهها للمرأة العمانية في يومها؟ وكيف يمكنها أن تواصل النجاح دون أن تنسى دورها الإنساني؟

    رسالتي أن المرأة تستطيع أن تحقق النجاح دون أن تتخلى عن دورها الإنساني والأسري. إن الإنجاز الحقيقي ليس مجرد منصب أو لقب، بل بصمة إنسانية تُترك في محيطها.

    أدعو كل امرأة عُمانية أن تتذكر أن طموحها لا يتناقض مع أنوثتها أو دورها الأسري، بل يعززها. وأن النجاح المستدام هو ذلك الذي يقوم على الجمع بين الهوية والقيم والإنجاز، لتبقى المرأة العُمانية نموذجاً متفرداً في التوازن بين الأصالة والمعاصرة.

    كلمة شكر أخيرة لمن توجهينها

     في يوم المرأة العمانية تتجدد مشاعر الفخر والامتنان ويطيب لي أن أرفع تحية إجلال وتقدير إلى السيدة الجليلة حفظها الله على دعمها اللامحدود لكل ما يرتقي بالمرأة العمانية ويعزز حضورها في المجتمع. وكل الامتنان لأسرتي التي كانت سندي في مسيرتي ولروح والدي رحمه الله ولأم الحنون التي كانت مصدر الإلهام والعطاء فلهما بعض الله الفضل في كل ما تحقق من إنجازات. وأهدي هذه الكلمات إلى كل امرأة عمانية تزرع الأمل وتسهم بعملها وجهدها وعلمها في بناء هذا الوطن العزيز لتبقى عمان عنوانا للفخر والتقدم. وشكرا

    الانستغرام: najma.al_sariri

    انشر على السوشيال
    تاجز
    spot_img

    الأكثر قراءة

    العارضة “ثريا محمود”: جمال وموهبة يلفتان الأنظار

    تعد ثريا محمود من الشابات الجميلات اللواتي يقدمن محتوى مميزاً على وسائل التواصل الاجتماعي وهي تعمل كموديل مع خبيرات التجميل ومصممات الأزياء العمانيات.

    الفرق بين اللوس باودر والكومباكت باودر مع خبيرة التجميل ابتسام الفليتية

    تُعتبر اللوس باودر والكومباكت باودر من أهم أدوات التجميل التي تساعد على إطالة ثبات المكياج وتحسين مظهر البشرة. سنتعرف في هذا الموضوع على الفرق...

    “دي جي” حبيبة راشد.. مبدعة تشعل أجواء الحفلات  

    هنّ _ خاص حبيبة راشد امرأة عمانية متعددة المواهب والتخصصات، تعمل كمنسقة أغاني في الحفلات وبلوجر وفاشينيستا وهي أيضا ممرضة. إنها فنانة موهوبة متعددة المهارات،...
    spot_img

    المزيد

    ترك الرد

    من فضلك ادخل تعليقك
    من فضلك ادخل اسمك هنا