spot_img
المزيد

    بشاير البلوشية: الفن التشكيلي مرآة تعكس الهوية العُمانية

    spot_img

    مسقط _العُمانية الفن التشكيلي يُعد أحد أهم وسائل التعبير التي تسهم في إبراز الهوية العُمانية الغنيّة والمتنوعة، حيث اختارت الفنانة التشكيلية بشاير البلوشية هذا المسار في أعمالها الفنيّة لتسلّط الضوء على تفاصيل البيئة العُمانية التي عاشها الأجداد.

    وتبرز الفنانة التشكيلية بشاير بنت فقير البلوشية في أعمالها الهوية العُمانية التي تعتبرها المكوّن الرئيس، إذ ترتكز على عدة عوامل، منها القصص المتداولة بين كبار السن وأخرى في الوقت الحاضر، فهي مصدر لتخليد ذكرى عاشها المجتمع العُماني للأجيال القادمة. وأسهمت الزيارات والجولات التي قامت بها الفنانة إلى المتاحف في ازدهار أعمالها الفنيّة المستوحاة من الثقافة العُمانية قديمًا.

    وتنطلق الفنانة والمصوّرة الضوئية بشاير البلوشية في أعمالها من كونها مصممة ومهتمة بالتراث والفنون العُمانية، بالإضافة إلى العمارة العُمانية الحديثة وعصر النهضة في سلطنة عُمان. كما شاركت في العديد من المعارض الفنيّة الخاصة بالتصوير الضوئي والفن التشكيلي، مرورًا بأخرى تتعلق بجوائز على المستوى المحلي.

    وترى “البلوشية” ضرورة أن يتم تدوين الهوية العُمانية عن طريق الفن التركيبي والتشكيلي من خلال القصص القديمة أو قصص الحاضر، خاصة الحاضر الثقافي والحياة اليومية التي تستحق التدوين بشتى أنواع الفنون والثقافة، لكي تكون مرجعًا للأجيال القادمة ولأي فرد خارج سلطنة عُمان.

    وتنتقل الفنانة في أعمالها حاليًا بين إظهار الهوية العُمانية القديمة التي عاشها الأجداد وبين الهوية العُمانية الحالية، معقبة: “وهو ما يراه البعض بأن هذا الخلط بين الهوية الحديثة والجديدة ضرب من الجنون، ولكن أنا أراه مسؤوليتي بأن أكون مصدر توثيق للأجيال القادمة”. وأشارت إلى أن دمجها بين قصص الماضي والحاضر برز في أعمالها (التمائم) و (بيت الطفولة)، وهما مصدر لتبادل الأحاديث بين الحضور من أجيال مختلفة. لافتةً إلى أن معرضها الشخصي الذي حمل عنوان (في بيتنا) ما هو إلا انعكاس للحياة اليومية والأسرية التي نعيشها في مجتمعنا الحاضر، ولكي يكون مصدرًا ومرجعًا فنيًّا يروي حكاية الإنسان العُماني في الخارج على شكل أعمال فنية مخلدة.

    وأظهرت الفنانة التشكيلية في أعمالها دور البيئة العُمانية المتنوعة قائلة: “نحن محظوظون بأننا نعيش في أرض كسلطنة عُمان تتمتع أراضينا بجغرافيا ومناخ متنوع، وهذا كفيل بأن يكون مصدر إلهام، وأيضًا تنوّع الولايات والمناطق والبيئات والأقوام يساعدنا بأن نستلهم القصص والحوارات في أعمالنا سواء الفنية أو الأدبية بشتى المجالات. أعمالي دائمًا مستلهمة من القصص العُمانية سواء القديمة أو الحديثة، الفلكلور والعمارة العُمانية بشتى أنواعها، وأحب أن أضيف عناصر ألوان مستلهمة من البيئة الجغرافية في سلطنة عُمان”.

    وأوضحت أن دمجها بين الثقافة العُمانية وبين ثقافات متعددة ما هو إلا انعكاس لشخصيتها، مشيرةً إلى أبرز هذه الأعمال وهو العمل التركيبي (هويات متعددة) الذي دمجت فيه حياة القاطنين في السواحل العُمانية وحب الإنسان العُماني للتعرف على ثقافات العالم الخارجي واللبس العُماني المدموج بهوية ثقافات دول أخرى. موضحةً: “هذه شخصية الإنسان في سلطنة عُمان على المدى الطويل بأن يتغرّب ويسافر ويرحل ويبحر حول العالم، ولكن ثقافته تنعكس عليه ولا ينساها، بل يظهرها في كل جوانب حياته”.

    وتعتبر الفنانة بشاير أن عالمي الفن والتصميم متداخلان بشكل كبير، تستطيع من خلالهما أن توجد عملًا فنيًا، فحين تدمج بين عناصر التصميم والفن والتصوير الفوتوغرافي والسينمائي، هنا بإمكانها أن تبتكر العمل الذي رسمته مخيلتها. وتؤكد: “هناك أعمال فنية تحتاج بناءً مكثفًا في جميع العناصر، كأعمال تصوير الفيديو التي تحتاج أن أصمّم وأبني خلفية وقطع أثاث تناسب مضمون العمل، وأيضًا تصميم الملابس التي تناسب قصة العمل، وبعد ذلك الإخراج والتصوير والتحرير. وأيضًا في معارضي الشخصية أحب أن أدمج مهاراتي المتعددة التي تُظهر شخصيتي في تصميم القطع والرسم والتصوير وأعمال الفيديو التصويري أو الحركي. أنا أحب اتباع مدرسة ريتشيوتو كانودو وجورج ميلييس ودافنشي الذين يعملون في أكثر من مجال، ولا توجد حدود وقيود تمنع تنقلهم في عدة مجالات في آن واحد، ورغم التنقل وتعدد المجالات والهوايات، هذا لا يجعلهم متشتتين، بل العكس تمامًا حيث الإبداع يظهر في أعمالهم بشكل كبير”.

    ولاحظت الفنانة من خلال دمجها بين التصميم والفن التشكيلي أنه عمل جماعي يتطلب المشورة بين الزملاء في المهنة والحرفيين الذين تعمل معهم حتى تظهر القطعة الفنية للجمهور.

    وبيّنت الفنانة بشاير البلوشية مدى إسهام الصورة الفوتوغرافية في تشكيل رؤيتها للفن التشكيلي، حيث تعتبرها تسجيلًا وتوثيقًا لجميع الأحداث المرتبطة بالحياة اليومية المتسارعة، مؤكدة حرصها الدائم على مواكبة مدارس التصوير وذلك عبر التقاطها صورًا لحياتها اليومية مكوّنة سلاسل لا متناهية، من أبرزها وفق تعبيرها: سلسلة “تخلي”، وهي عبارة عن بيوت مهجورة وأغراض مُلقاة في القمامة، وترى أن هذه الصور تفتح المدارك والفضول وتثير الخيال والتساؤل عن علاقة الإنسان بهذه الأغراض المستعملة أو بقصص الإنسان في هذه البيوت المهجورة.

    وصوّرت الفنانة العمارة العُمانية في سلسلة (في حضن السماء) التي بدأت بالعمل عليها منذ عام 2018م، مبرزة المباني العُمانية بشتى أنواعها مع إبراز السماء وكأنها تحوي تلك المباني، مركّزة على التراث الحديث الذي تعتبره مصدر اهتمامها.

    وتعمل الفنانة التشكيلية والمصوّرة الفوتوغرافية “بشاير” من خلال التصوير في أعمال متعددة الوسائط على دمج التصوير الفوتوغرافي بالرسم وبناء قصص من خلال هذه الأعمال، منوّهة بقولها: “التصوير يستحق التركيز”، داعيةً إلى إقامة فعاليات كبيرة في هذا المجال. وأضافت: “أدركت أن التصوير ليس فقط هواية أمارسها، بل هو هرمون السعادة وأسلوب حياة، وقررت أن ألتقط دائمًا الصور سواء بالهاتف أو الكاميرا أو الكاميرا الفورية”.

    وتطرقت البلوشية إلى حضور الزمن والذاكرة والحنين إلى الماضي في أعمالها، مستلهمة إياها من نتاج عوامل عديدة ومختلفة، منها “القصص التي كانت تتداول بين الكبار وكنت أسمع هذه القصص من والدتي -حفظها الله- وجدتي -رحمها الله-. وأيضًا عقلي الباطن هو سندي الكبير بعد الله عز وجل في تسجيل هذه القصص والأحداث. عقلي دائمًا ما يسجل الأحداث كقصاصات (كولاج) ملتصقة في مخيلتي، فأنا أملك خيالًا كبيرًا أحب أن أدمج أحداثًا كبيرة ومتنوعة في أعمالي. وأيضًا الألوان والأضواء لها دور كبير في مخيلتي، وذلك عندما أختار ألوانًا معيّنة في لوحاتي أو تصاميمي أو إضاءة معيّنة، فهي دائمًا ما ترتبط بحدث سعيد يكون مخزنًا في عقلي الباطن، وبالذات في طفولتي”.

    وذكرت بأنها بدأت القراءة في عمر 11 عامًا لمذكرات “أميرة عربية” وكتب شكسبير ورواية (أوليفر تويست) للكاتب تشارلز ديكنز، حيث نسجت في مخيلتها صور تلك الشخصيات بوضوح لترسمها على الورق. كما كان لمشاهدة الأفلام والرسوم المتحركة وسماع الموسيقى دور كبير في إنعاش المخيّلة لديها، وخاصة في أعمال التصوير الفوتوغرافي.

    وعند الحديث عن كيف يكون الفن التشكيلي وسيلة لفهم الذات، قالت إن الأعمال الفنية وراءها قصص حقيقية أو أحداث عاشها الفنانون أو بعض الذكريات التي يخزنها العقل الباطن وانعكست في تلك الأعمال.

    وأشارت الفنانة إلى أن هناك ثلاثة أنواع من الفنانين: النوع الأول يحب أن يجعل أعماله سهلة وتصل إلى المتلقي بسهولة، والنوع الثاني الذي يحب التواصل مع الجمهور ويشرح أعماله، ويشعر بأن وجوده حلقة مهمة للتواصل، والنوع الثالث هو الذي يشعر بأن الفن لا يجب أن يُشرح، بل يجب على المتلقي أن يكون ذا استيعاب كبير ويفهم أعماله.

    وأضافت: “من وجهة نظري، الفن ليس مجرد وسيلة ترفيه أو مجال عرض، بل هو لغة. جميعنا كبشر نتقن لغة التحدث، وهناك لغات عدة لا نفهمها ولا نتقنها، وهذا الكلام ينطبق على الجمهور المتلقي. ليس على الجمهور أن يتقن لغتي الفنية، هنا يأتي دوري لكي أترجم لغتي الفنية ولا يكون هناك أي نوع من سوء الفهم”.

    وعن كون الفن مرآة للإنسانية، وصفت البلوشية الفن بالعنصر المهم لصوت المجتمع، وأن الفنان هو الناقل الرسمي لمعاناة الإنسان وقضاياه، بالذات الفنانين المنتمين للمدارس الحديثة والمفاهيمية، إذ تبرز أعمالهم مشكلة معيّنة أو قضية ما. فالكثير من أحوال المجتمع وقضاياه تغيرت بسبب صورة فوتوغرافية أو فيديو أو رسمة تشكيلية أو كاريكاتورية. وأعربت عن أملها في أن يتبنى المجتمع فكرة المزادات الفنية للمساعدات الإنسانية، التي تسهم في إبراز الأعمال الفنية والإنسانية للفنان بشكل فعّال في المجتمع، وهي دليل على التكاتف والعمل كجدار آمن في تكوين الإنسانية.

    انشر على السوشيال
    تاجز
    spot_img

    الأكثر قراءة

    العارضة “ثريا محمود”: جمال وموهبة يلفتان الأنظار

    تعد ثريا محمود من الشابات الجميلات اللواتي يقدمن محتوى مميزاً على وسائل التواصل الاجتماعي وهي تعمل كموديل مع خبيرات التجميل ومصممات الأزياء العمانيات.

    الفرق بين اللوس باودر والكومباكت باودر مع خبيرة التجميل ابتسام الفليتية

    تُعتبر اللوس باودر والكومباكت باودر من أهم أدوات التجميل التي تساعد على إطالة ثبات المكياج وتحسين مظهر البشرة. سنتعرف في هذا الموضوع على الفرق...

    “دي جي” حبيبة راشد.. مبدعة تشعل أجواء الحفلات  

    هنّ _ خاص حبيبة راشد امرأة عمانية متعددة المواهب والتخصصات، تعمل كمنسقة أغاني في الحفلات وبلوجر وفاشينيستا وهي أيضا ممرضة. إنها فنانة موهوبة متعددة المهارات،...
    spot_img

    المزيد

    ترك الرد

    من فضلك ادخل تعليقك
    من فضلك ادخل اسمك هنا