هنّ _ خاص

في إطار فعالية مسابقة فرويد للمواهب، نظمت السيدة بسمة آل سعيد جلسة نقاشية حملت عنوان “الإبداع والصحة النفسية”، في دار الأوبرا السلطانية_ مسقط، استضافت خلالها كل من سمو الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة، الفنانة التشكيلية البحرينية، والدكتور ناصر لوزة، الطبيب النفسي المصري المعروف بمساهماته البارزة في مجال التوعية بالصحة النفسية.

في حديثها لـ هنّ، أعربت سمو الشيخة هلا عن شكرها للسيدة بسمة على الدعوة، مؤكدة أهمية النقاش حول دور الفنون في الصحة النفسية، وقالت:

“أنا اليوم في مسقط لنتحدث عن الفنون والصحة النفسية، وعن الجهود الكبيرة التي تبذلها السيدة بسمة في التوعية بأهمية الصحة النفسية بكل أشكالها.”

كفنانة تشكيلية، رأت سموها أن للفنون رسالة مهمة، وأن العلاقة بين الفن والصحة النفسية تفتح آفاقًا واسعة للنقاش وإعادة النظر في بعض المفاهيم المجتمعية. وأكدت أن المجتمعات اليوم أصبحت أكثر انفتاحًا ووعيًا بقضايا الصحة النفسية،

وأضافت:”عندما يرتبط الفن بالصحة النفسية، يمكن أن يحدث تأثيرًا عميقًا ومهمًا، فهناك دراسات عديدة تثبت قدرة الفن على علاج حالات الاكتئاب والقلق، ومنها دراسة في نيويورك أظهرت نسبة شفاء تصل إلى 73%.”

وأشارت إلى أهمية دور كل فرد في المجتمع، وقالت:”كوني فنانة تشكيلية يجعلني أسلط الضوء على الصحة النفسية بشكل أكبر، ودورنا جميعًا أن نقدم الدعم لمن يعاني بصمت. الحوار بين الطبيب المختص والفنان يمكن أن يلهم ويمنح الأمل.”

وأضافت في رسالتها: “الإيمان ثم الحديث عن المشاكل النفسية هو الخطوة الأولى. يجب ألا نغلق الأبواب أمام ما نمر به، وعلينا أن نتحدث عن أوضاعنا النفسية رغم صعوبتها. أنصح كل من يعاني أن يتواصل مع أخصائي، فقد يجد من خلال المحاولة المفتاح الذي يساعده على التعبير عما في داخله.”

واختتمت قائلة: “الصحة النفسية موضوع بالغ الأهمية، وأصبح الحديث عنه أسهل بفضل جهود المعنيين والتوعية المستمرة.”

الدكتور ناصر لوزة: تقبّل الآخر مفتاح لتحسين الصحة النفسية في المجتمع

من جانبه، أكد الدكتور ناصر لوزة، الطبيب النفسي المصري المعروف، على أهمية تعزيز الصحة النفسية في المنطقة بشكل عام، وفي سلطنة عمان بشكل خاص، مشيرًا إلى ضرورة مواجهة الوصمة المرتبطة بالاضطرابات النفسية وتغيير النظرة المجتمعية تجاهها لما فيه مصلحة الفرد والمجتمع.

وأضاف أن الفنون بكل أشكالها — من رسم وألوان وموسيقى ورقص وغيرها — تُحدث أثرًا بالغًا في الصحة النفسية، قائلاً:

“كلما كان المجتمع أكثر انفتاحًا وتقبّلًا للآخر، وكلما احترمنا التنوع في التعبير الفني والثقافي، ساهم ذلك بشكل مباشر في تحسين الصحة النفسية العامة. على سبيل المثال، عندما أرى فنانًا يرسم بطريقة مختلفة عني، ينبغي أن أتعلم تقبّل هذا الاختلاف، فهو انعكاس لقبولنا للتعددية.”

وأوضح أن استخدام الفنون في المجال النفسي شهد تطورًا ملحوظًا خلال العشرين سنة الماضية، حيث انتقل من مجرد وسيلة لتقييم الحالة النفسية إلى أداة علاجية فعّالة بحد ذاتها.

وفي ظل التغيرات التي فرضها عصر وسائل التواصل الاجتماعي، أشار الدكتور لوزة إلى أن أنماط التعبير عن الاضطرابات النفسية قد تغيّرت، وأصبحت العديد من المشكلات النفسية تُسقط على منصات السوشال ميديا، مما يستدعي وعيًا أكبر بالتعامل معها.

وفي رسالته الأخيرة، قال مبتسماً:

“أول ما أنصح به هو العيش في سلطنة عمان، فهي بلد تمنحك شعورًا فوريًا بالراحة والطمأنينة النفسية. لقد أدهشتني طبيعة الشعب العماني المتسامحة والمتقبلة للآخر، وهي صفات علينا جميعًا أن نتعلم منها.”

وأضاف: “كما أنصح بتقبّل الآخر على اختلافه — في إنتاجه، في فنه، أو في طريقته في التعبير — فهذا التقبّل هو بداية الشفاء النفسي وأساس الصحة النفسية في أي مجتمع.”