هنّ _ خاص
بريشةٍ تنبض بالمشاعر وتفاصيل تنطق بالرموز، ترسم الفنانة التشكيلية حفصة التميمي المرأة كما لم نرها من قبل—ككيان متكامل من القوّة والهشاشة، من الواقع والخيال.
في هذا الحوار، نفتح معها أبواب المرسم ونغوص في عالمها الفني الغني بالتعبير، الرمزية، والرسائل العميقة، حيث تتلاقى المدارس الفنية مع الذات، وتتحوّل الألوان إلى لغات خفية تحكي قصصاً لا تُنسى. من المرأة العمانية إلى الأم، ومن التجريد إلى المعارض الدولية، رحلة نكتشف من خلالها كيف للفن أن يعيد صياغة الواقع وأن يُحدث فرقاً.
1. بداية: في تعريف حسابك على إنستغرام، قلتِ “عُلب ألوان الحياة جميعها أمامك، فركّز جيداً… وضع الريشة في العلبة التي تضمن لك الحصول على لوحة حياة جميلة”. كيف يمكن للفن أن يساعدنا في اختيار الألوان التي تشكّل حياتنا؟
الألوان بالنسبة لي ليست مجرد عنصر جمالي، بل هي لغة تعبيرية تحمل رموزًا ومشاعر. هي مفتاح الشخصية وبوابة الفكرة، ومن خلالها أخلق توازنًا بصريًا في العمل الفني. الفن يعلمنا كيف نختار “ألواننا” في الحياة—قراراتنا، مشاعرنا، وأسلوبنا في التعبير عن أنفسنا—بطريقة تعكس ذاتنا الحقيقية.

2. كيف تؤثر المدرسة التعبيرية التجريدية الرمزية في أسلوبك الفني؟
هذه المدارس منحتني الحرية المطلقة في التعبير، ومكنتني من تحويل المشاعر المعقدة والأفكار العميقة إلى مشاهد بصرية. أحب اللعب بين التجريد والرمز، حيث تتلاقى الفكرة والخيال في عمل يحمل بعدًا داخليًا وإنسانيًا.
3. لماذا اخترتِ التركيز على تصوير المرأة في أعمالك؟ هل هناك رسالة معينة تودين إيصالها؟
المرأة بالنسبة لي ليست موضوعًا، بل كيانًا أعبّر من خلاله عن نفسي وعن الأخريات. لا أرسمها كعنصر شكلي، بل أحاول أن أغوص في أعماقها—في مشاعرها، صراعاتها، قوتها وهشاشتها. أؤمن أن المرأة مصدر إلهام لا ينضب، وقصصها تستحق أن تُروى بريشة صادقة.

4. كيف تعكس ألوان الأكريليك في لوحاتك مشاعر القوة والضعف في المرأة؟
ألوان الأكريليك تمنحني مساحة واسعة للتجريب والخلق، إذ أستطيع عبرها تكوين ملامس غنية وطبقات شفافة تنقل التدرج العاطفي بدقة. أستخدم هذه الخصائص لأُبرز تباينات القوة والضعف في شخصية المرأة، كما أراها وأشعر بها.
5. كيف تتعاملين مع الرمزية في أعمالك؟ وهل تفضلين أن تتركي المجال للجمهور لتفسير اللوحات بطريقتهم الخاصة؟
الرمزية عنصر أساسي في فني، أحب أن أتركها مفتوحة لتأويل الجمهور، ليعيش كل متلقٍ تجربته الخاصة مع العمل. أحيانًا أشرح الرموز عندما تكون هناك رسالة دقيقة أرغب بإيصالها، لكن يسعدني أكثر حين يضيف المتلقي من إحساسه وتفسيره، فذلك يعني أن العمل تواصل معه بعمق.

6. ماذا تعني لكِ الأم في الفن؟ وهل تغيّرت رؤيتك لها مع مرور الزمن؟
الأم هي منبع الحياة وجوهرها. في معرضي الأخير “شخوص أمي”، حاولت تجسيد الأثر العميق للأم من خلال الشخصيات التي تُنتجها وتؤثر بها في المجتمع. رؤيتي للأم تتطوّر مع الزمن، ومع كل تجربة شخصية جديدة تزداد هذه الرؤية عمقًا وامتنانًا.
7. هل تعتقدين أن الفن قادر على تغيير وجهات نظر المجتمع حول دور المرأة؟
بلا شك. للفن قوة ناعمة في التأثير وتغيير المفاهيم. من خلال الفن يمكننا إعادة صياغة دور المرأة كما يجب أن يُرى—كشريكة حقيقية في البناء، وصاحبة قصة، وتجربة، وقيمة. التاريخ مليء بنساء ملهمات، والفن أداة فعالة لاستحضار هذه القصص وإعادة تقديمها بلغة بصرية تمس الجميع.

8. ما الذي يميز المرأة العمانية عن غيرها من النساء في الثقافات الأخرى من وجهة نظرك الفنية؟ وكيف تسلطين الضوء على هذه الخصائص؟
المرأة العمانية تتميز بارتباطها العميق بثقافتها وتقاليدها، مع قدرتها على مواكبة الحداثة بانسجام. أحب أن أُبرز في أعمالي هذا التوازن، وأُظهر ملامح القوة والمرونة من خلال الألوان، الرموز، والتعبير الداخلي في الوجوه والشخصيات.
9. هل هناك عمل فني معيّن من أعمالك يشعرك بالفخر أكثر من غيره؟ ولماذا؟
كل لوحة أرسمها هي امتداد لي، ومليئة بذكريات ومشاعر عشتها. لا أستطيع تفضيل عمل بعينه، فكل عمل يحمل قصة ويعكس مرحلة مختلفة من تطوري الفني والإنساني.
10. كيف يمكن للفن أن يساهم في تغيير التصورات التقليدية عن المرأة؟ وهل تسعين من خلال أعمالك إلى تحدي بعض هذه التصورات؟
الفن قادر على كسر الصور النمطية، لأنه يُخاطب الشعور قبل الفكر. في أعمالي، أسعى لتقديم المرأة بحقيقتها، بضعفها وقوتها، بواقعها لا صورتها النمطية. نعم، أطمح إلى تغيير المفاهيم التقليدية وإبراز الجوانب التي غالبًا ما تُهمّش أو تُغفل.
11. أخيرًا، ما هي خطوتك القادمة؟
المعارض والأنشطة الفنية دائمًا حاضرة في مسيرتي، لكنني أحرص على انتقاء المشاركات التي تضيف لي فعلاً. حاليًا أستعد للمشاركة في معرض تمكين المرأة بالفن – النسخة الثالثة في جمهورية مصر العربية، وسأشارك فيه بعملين ضمن نخبة من الفنانات من مختلف دول العالم. خطوة جديدة أطمح من خلالها إلى إيصال رسالتي الفنية إلى نطاق أوسع.

نبذة عن الفنانة:
حفصة التميمي حاصلة على ليسانس آداب في تخصص علم الاجتماع من جامعة عين شمس بجمهورية مصر العربية، وذلك في عام 1999م. وهي عضو في الجمعية العمانية للفنون التشكيلية، وصاحبة مرسم متخصص في تدريب الفنون التشكيلية تحت اسم “حفصة التميمي آرت آند هارت”.
تتنوع أعمالها بين الواقعية، التعبيرية، والرمزية التجريدية، وقد أقامت عدة معارض وشاركت في فعاليات فنية على المستويين المحلي والدولي. كما نالت عدداً من الجوائز الفنية على الصعيدين المحلي والدولي، تقديراً لإبداعها وتميّزها الفني.
الانستغرام : hafsa_art

