هنّ _ خاص
مريم المشيفري شابة عمانية طموحة وشغوفة بمجالات فنية ورياضية وتنموية، فهي تجمع بين التمثيل المسرحي كوسيلة للتعبير عن قضايا مجتمعية ورسائل هادفة، وبين التدريب الدولي في التنمية البشرية وتدريبات تسلق الجبال (الهايكنج) كوسائل لدعم الأفراد وتحفيزهم على تحدي الذات. نشأت مريم في كنف والدتها، وتولت مسؤولية كبيرة في عمر السابعة كأخت كبرى، مما صقل شخصيتها وأكسبها صلابة وعزيمة في مواجهة التحديات.
في هذا الحوار، تكشف مريم عن مسيرتها وتطلعاتها في المسرح العماني، وأهمية الشغف والعمل الدؤوب في تحقيق الأهداف ونقل رسائلها إلى المجتمع.
– كيف بدأتِ رحلتكِ في عالم المسرح؟ وما الذي جذبكِ إلى هذا المجال؟
منذ صغري كان التمثيل هوايتي وشغفي الأول، حيث كنت أتخيل نفسي على خشبة المسرح أمام الجمهور، حاملة رسائل هادفة ومؤثرة. حلمت دائماً بأن أشاركهم أفكاري وأن أكون نموذجاً إيجابياً للجيل القادم في عُمان، حيث يمكن أن نتعلم من خلال المسرح الكثير من القيم. المسرح بالنسبة لي ليس فقط وسيلة للترفيه، بل هو منصة تعبير عميقة تساعدني على إيصال ما أؤمن به للجمهور العماني بطريقة تصل إلى قلوبهم.
– من هو الشخص أو الفنان الذي كان له التأثير الأكبر في مسيرتكِ المسرحية؟
أشعر بالامتنان والتقدير للفنانة أمينة عبدالرسول، التي كانت مصدر إلهام كبير لي في بداية مسيرتي. دعمتني وشجعتني على دخول هذا المجال بخطى ثابتة، وساعدتني في اكتشاف طاقاتي وتطوير موهبتي. وأيضًا، الفنان خميس الرواحي كان له تأثير مهم، حيث كان يرى فيَّ دومًا إمكانيات أستطيع تطويرها لأصبح فنانة مسرحية محترفة.
أما خارج المجال الفني، فلدي صديق وأخ مقرب ملقب بـ (سر سعادتي) يمنحني التشجيع والدعم في هذه الدنيا، ووالدتي أيضاً كان لها أثر بالغ إذ أنها لم تكن متقبلة للفكرة في البداية، لكن مع مرور الوقت بدأت تقتنع وتشجعني على الاستمرار بعد أن رأت إصراري ونجاحاتي..
– ما هي أصعب تحديات واجهتها كممثلة مسرحية، وكيف تغلبتِ عليها؟
أحد أصعب التحديات التي واجهتها كان كسب ثقة الجمهور وإقناعهم بما أقدمه على المسرح، حيث كنت أواجه أحياناً انتقادات سلبية منهم، وقد شعرت ببعض الإحباط في البداية. لكنني كنت أذكّر نفسي دائماً بالهدف الأكبر، وكنت أؤمن بأنّ الثقة بالنفس والإصرار هما المفتاح لتحقيق أهدافي. والوصول لإنجازات التي أطمح إليها.
– حدثينا عن آخر أنشطتك المسرحية؟
آخر مسرحية شاركت فيها كانت بعنوان “نغمة نعمة”، وهي تجربة جديدة خضتها مع فرقة نجاح بقيادة الأستاذ نصر البوسعيدي، وكانت في أكتوبر الماضي في “مسرح الشارع”. انتقالنا من خشبة المسرح التقليدية إلى مسرح الشارع كان تحدياً وتغييراً مثيراً بالنسبة لي، حيث تختلف التحديات والإحساس بالاندماج المباشر مع بيئة المكان والعرض، إذ لا يوجد بطاقات حضور أو وقت معين للعرض، كما أنه لا يوجد أدوات معتادة على خشبة المسرح كالمايكات. والممثل يخرج بشكل مفاجىء من بين الجمهور. لقد منحني ذلك فرصة للتفاعل المباشر مع الجمهور في بيئة مفتوحة.
– كيف تصفين واقع المسرح العماني اليوم؟ وما هي التحديات التي ترينها في طريق تطوره؟
أرى أن المسرح العماني يشهد تطوراً تدريجياً في الثقافة الفنية، مع تنوع أكبر في الأعمال وعمق في الأفكار المطروحة. لكن ما زلنا نواجه بعض التحديات، أبرزها الدعم المادي والمعنوي، وعدم توفر المساحات اللازمة التي تُعنى بتطوير قدرات الممثلين وإمدادهم بالأفكار الإبداعية. أعتقد أن هناك حاجة أيضاً لتوحيد الجهود ودعم الإنتاج المحلي لنتمكن من تحقيق المزيد من التقدم.
– هل ترين أنّ المسرح العماني يلقى الدعم والاهتمام اللازمين من المؤسسات الثقافية والجمهور؟
للأسف، لا أرى أن هناك دعماً كافياً للمسرح في عُمان. نحتاج إلى المزيد من المهرجانات المسرحية والمسابقات التي تشجع المسرحيين وتخلق لهم فرصاً للتألق وتطوير أنفسهم، بحيث يمكن لهذا المجال أن يحصل على الزخم المطلوب للازدهار.
– كيف تحلمين أن يكون المسرح العماني خلال السنوات القادمة ؟
أتمنى أن يحظى المسرح العماني بفرصة للظهور على منصات مرئية سواء على شاشات الخليج أو الوطن العربي، بطريقة تبرز قدراتنا وتعكس صورة تليق بالممثلين والممثلات العمانيين. أحلم أيضاً أن يشهد المسرح العماني تطوراً يُسهم في بناء جيل جديد من الفنانين المحليين القادرين على منافسة نظرائهم في العالم العربي.
– إلى جانب التمثيل أنت ناشطة اجتماعية على السوشال ميديا، وتمت دعوتك لكثير من الفعاليات والمناسبات الاجتماعية والتجارية.. ما هو الدافع الذي جعلكِ تنخرطين كمؤثرة في العمل الاجتماعي بجانب عملكِ المسرحي؟
العمل الاجتماعي يعد امتداداً لدوري كممثلة، حيث أرى أن كلاً من المسرح ومواقع التواصل هما أدوات يمكن من خلالها إيصال رسائل هادفة. وجدت أن كوني مؤثرة على السوشال ميديا يمنحني فرصة للتواصل مع جمهور أوسع، والتفاعل مع مختلف الفعاليات التي تساعدني في بناء علاقات مع زملائي من الناشطين الاجتماعيين. بالإضافة، هذا الدور يعزز من خبراتي في العلاقات العامة التي أعتبرها عنصراً أساسياً في نجاحي كممثلة.
– كيف توفّقين بين كونكِ ممثلة مسرح وناشطة اجتماعية؟ وهل تكمّل هذه الأدوار بعضها البعض؟
أجد أن كلا المجالين يكملان بعضهما. المسرح بالنسبة لي هو رسالة فنية عميقة، بينما التواصل الاجتماعي هو وسيلة لنشر رسائل مباشرة تصل إلى الجمهور من خلال البرامج والمنصات الرقمية. في النهاية، أرى أنّ الهدف واحد، وهو التأثير الإيجابي على المجتمع عبر محتوى هادف، سواء كان ذلك من خلال خشبة المسرح أو عبر الشاشات.
– ما هي النصيحة التي تقدمينها للشباب العماني (خاصة النساء) المهتمين بدخول مجال المسرح أو العمل الاجتماعي؟
رسالتي لهم هي الحفاظ على هويتهم وتقديم مواضيع تلامس المجتمع وتتناول قضايا مفيدة. وأشجع النساء خاصة على استثمار شغفهن في إيصال الرسائل بإيجابية، سواء عبر المسرح أو في الأنشطة الاجتماعية، لأن الأثر يمكن أن يكون عظيماً حين يتم تقديم الرسالة بصدق.
– حدثينا عن دورك ونشاطك كمدربة دولية، بأي مجال وكيف احترفت ذلك، والورش أو الفعاليات التي تقدمينها؟
أنا مدربة دولية في مجالي التنمية البشرية وتسلق الجبال (الهايكنج). في الهايكنج، بدأت بممارسة هذا النشاط بمفردي، وشيئاً فشيئاً قمت بتكوين فريق يشاطرني نفس الشغف، مما سمح لي بتطوير مهاراتي ومشاركة تجاربي مع الآخرين. نحن نتسلق في جميع أنحاء السلطنة، ونقوم بعمل جدول أسبوعي حيث نذهب كل اثنين وأربعاء إلى ولايات مختلفة في محافظة مسقط. وكل جمعة نذهب إلى ولايات مختلفة خارج مسقط ونستهدف الولايات السياحية لأنه يوجد بها وديان وكهوف وبحار وعيون وطبيعة خلابة.
طبعاً أعلى قمة صعدت إليها في السلطنة هي الجبل الأخضر، ويُعتبر ثاني أعلى قمة في السلطنة ويبلغ ارتفاعه حوالي 3000 متر.
أما في التنمية البشرية، فقد بدأت العمل بشكل احترافي كمدربة بهدف توسيع تأثيري على الأفراد الراغبين في تحسين حياتهم، وأسعى الآن لافتتاح ورش تعليمية عبر الإنترنت من خلال إنشاء قنوات على مواقع التواصل الاجتماعي لتصل رسالتي إلى عدد أكبر من المهتمين بتطوير الذات.
الانستغرام: maryam_almushaifri