هنّ _ خاص
إيمان الحوسني، معلمة لغة إنجليزية، باحثة وكاتبة في مجال الصحة النفسية، ومدربة معتمدة في العلاج السردي، تميزت بمسيرة مهنية تجمع بين الأدب وعلم النفس. بعد حصولها على شهادة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية، وسعت إيمان آفاقها بالدراسة المتعمقة في علم النفس، ما دفعها إلى مواصلة البحث في خفايا النفس البشرية. تأثرت بأعمال كبار علماء النفس مثل كارل يونغ، مما ساعدها على بناء رؤية فريدة في مجال الصحة النفسية، وخاصة من خلال العلاج السردي. برزت إيمان كمرشدة نفسية وكاتبة، حيث أصدرت أولى كتبها “الإنسان والمعنى”. وساهمت في توجيه العديد من النساء نحو تحقيق التوازن النفسي والشفاء الذاتي.
ومن خلال رحلتها المهنية الغنية بالخبرة والدراسة، تسعى إيمان الحوسني إلى تقديم الدعم النفسي العميق للأفراد، خاصة النساء، من خلال تقنيات السرد العلاجي. في هذا الحوار، نتعرف أكثر على مسيرتها، رؤيتها، وتجاربها في مجال الصحة النفسية.
- حدثينا عن بداياتك في هذا المجال كفكرة وهدف ودافع؟
بدأ شغفي بعلم النفس منذ الطفولة، لكن في تلك الفترة لم تكن هناك مكتبات نوعية في السلطنة، وكانت الكتب المتاحة قليلة وبسيطة. كنت دائمًا أجد نفسي منجذبة للعناوين التي تتناول تحليل النفس البشرية عندما أزور المكتبة. في ذلك الوقت، كان الفكر السائد أن الاختيارات الأكاديمية تنحصر في أن تصبحي معلمة أو طبيبة، فلم يكن هناك توجيه كافٍ لدراسة تخصصات أخرى.
دخلت تخصص بكالوريوس تربية في اللغة الإنجليزية، ورغم حبي لتعلم اللغات والتدريس، كنت أقرأ المزيد في علم النفس. تأثرت بمدرسة التحليل النفسي وعدة علماء مثل كارل يونغ، سيغموند فرويد، ألفرد أدلر، وإريك فروم، لكن كارل يونغ كان الأكثر تأثيرًا علي. كما ساهمت قراءتي لروايات الكاتب الروسي دوستويفسكي في زيادة شغفي بعلم النفس، إذ تتميز أعماله بنظرة عميقة إلى النفس البشرية.
بعد حصولي على درجة الماجستير في علم النفس، تابعت الكتابة وأصدرت أول كتاب لي بعنوان “الإنسان والمعنى”. بعد ذلك، قررت الحصول على شهادات تدريب وكوتش معتمدة، ودرست العديد من الدورات في العلاج السردي والكوتشينج. مع مرور الوقت، تكونت لدي رؤية واضحة عن المجال الذي سأركز عليه في تدريباتي، وهو دور القصص الذهنية التي نبدأ في تشكيلها منذ طفولتنا في التأثير على سلوكياتنا ونظرتنا للواقع.
- *كيف استفدتِ من علم النفس في توظيفه في التنمية البشرية؟
استفدتُ بشكل كبير وما زلت أطور أدواتي من خلال القراءة المستمرة. كلما قرأت أكثر، أدركتُ مدى الجهل الذي نملكه حول النفس البشرية، وهذا زاد من تعاطفي مع الآخرين وجعلني أكثر فهمًا لأعمق جوانب النفس.
- ما أهم ما يمكن أن تشاركينا إياه من قصص وتجارب تعاملتِ معها؟
أهم شيء أود مشاركته هو التأثير الكبير للغة الداخلية التي نخاطب بها أنفسنا. بمرور الوقت، هذه اللغة تشكل اعتقاداتنا حول أنفسنا وحول الآخرين والحياة بشكل عام. أكثر القصص التي تعاملت معها هي لأشخاص عانوا من الإساءة اللغوية أو العنف اللفظي، مما أدى إلى تكوين صورة مشوهة عن أنفسهم وانخفاض في تقدير الذات.
- *الفضفضة كعلاج.. ما أهميتها وما مستوى تقبّل المجتمع العماني لها وإقباله عليها؟
الفضفضة هي جزء مهم من العلاج النفسي لأنها تساعد الشخص على التعبير عن مشاعره وأفكاره المكبوتة، مما يخفف من الضغط النفسي والعاطفي. في المجتمع العماني، هناك تقبّل متزايد للفضفضة كعلاج نفسي، لكن ما زال هناك بعض المقاومة لدى البعض بسبب الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالصحة النفسية. مع مرور الوقت وزيادة الوعي، يزداد الإقبال عليها.
- *أين تجدين إقبالًا أكثر من المشاركين على الورش التي تقدميها، الأونلاين أم الحضورية؟
الإقبال الأكبر يكون على الورش الحضورية.
- *الإنسان حصيلة جانب نفسي وجانب فيزيولوجي.. كيف يؤثر كل منهما على الآخر؟
الجوانب النفسية والفيزيولوجية مترابطة بشكل وثيق. الحالة النفسية تؤثر على الجسد، مثلما قد يؤدي التوتر إلى ضعف الجهاز المناعي أو الإصابة بالأمراض. في المقابل، الحالات الجسدية مثل الألم المزمن أو الأمراض تؤثر على الحالة النفسية، مما قد يسبب مشاعر القلق أو الاكتئاب. الحفاظ على توازن بين الجانبين هو المفتاح للصحة العامة.
- *تواجه النساء ضغوطات ومسؤليات كبيرة.. إلى أي مدى تكمن أهمية السرد العلاجي للنساء.. وكيف يفيدهن؟
السرد العلاجي مهم جدًا للنساء لأنهن يتحملن أعباء ومسؤوليات حياتية كبيرة، قد تكون مرهقة نفسيًا وجسديًا. من خلال السرد العلاجي، يمكن للنساء تحليل وإعادة صياغة القصص الذهنية السلبية التي قد تكون نتاجًا لضغوط الحياة أو التجارب الصعبة. يساعدهن ذلك على تطوير فهم أعمق لمشاعرهن وتحرير أنفسهن من القيود النفسية التي قد تعيق تقدمهن.
- *ما هي نصيحتك للنساء للوصول إلى مرحلة الشفاء الذاتي والصحة النفسية والجسدية من خلال تطبيق تقنياتك؟
أنصح النساء بضرورة البدء بتقبل مشاعرهن وفهم أن لكل شعور سببًا وقيمة. من ثم، يمكنهن ممارسة التأمل الواعي ومراقبة الأفكار والاعتقادات السلبية، والسعي لإعادة برمجة العقل الباطن من خلال توجيه العقل نحو تصورات أكثر إيجابية وواقعية. الحصول على الدعم المناسب سواء من مدرب أو مجتمع داعم يساعد كثيرًا في تحقيق الشفاء والاتزان.
الانستغرام: iman_heal90