هنّ _ خاص
دخلت ريم الزدجالي مجال المحاماة بدافع من حبها العميق وشغفها لهذه المهنة، وبهدف الوصول إلى الحقيقة ونصرة المظلومين. بفضل دعم والدها، تمكنت من تحقيق حلمها بافتتاح شركتها الخاصة “ريم الزدجالية للمحاماة والاستشارات القانونية”. حاليًا، ريم عضو في جمعية المحامين ورئيسة لجنة شؤون المحاميات، وتلعب دورًا فعّالًا في تسليط الضوء على دور المحاميات العمانيات في المؤسسات القانونية المختلفة. لقد حظيت بتكريم من السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان هيثم بن طارق، وتؤمن أن التميز في جودة العمل هو ما يفرق بين المحامي والمحامية، ويشكل السبب الرئيسي لاختيار العملاء لهم.
المزيد عن تحديات المهنة في هذا الحوار:
ما الذي دفعك لاختيار مهنة المحاماة؟ هل كانت هناك تجربة معينة أو حدث ملهم؟
اختيار مهنة المحاماة لم يكن مجرد قرار مهني بالنسبة لي، بل كان جزءًا من رسالتي في الحياة، ودائمًا ما أردت مناصرة المظلومين والدفاع عن حقوقهم، لأنني أؤمن بأن العدالة هي أساس المجتمع السليم.
كان لدي دافع قوي لتحقيق ذلك منذ الصغر وكان له تأثير كبير على قراري بدراسة القانون، ومن خلال تشجيع والدي المستمر وحرصه الشديد، الأمر الذي كان هو الحافز الذي قادني لتحقيق حلمي في أن أصبح محامية.
فبفضل تشجيع ودعم والدي – رحمه الله – والدراسة، أصبحت اليوم أساعد أولئك الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم وضمان أن تُسمع أصواتهم، واسترجاع حقوقهم من خلال مهنتي لتحقيق العدالة، وهو ما يجعلني أشعر بالفخر والامتنان لأنني اخترت هذا الطريق.
ما هي أبرز التحديات التي واجهتك خلال مسيرتك المهنية كمحامية في عمان؟
أثناء مسيرتي المهنية كمحامية في السلطنة، واجهت العديد من التحديات البارزة. أولها كان التمييز بين الرجل والمرأة الذي تفرضه بعض العادات والتقاليد، رغم أن القوانين تحث على المساواة. هذا التحدي شكّل عائقاً كبيراً في تحقيق العدالة والمساواة التي أسعى لها.
بالإضافة إلى ذلك، تعقيد بعض القوانين والحاجة الملحة لتحديثها لمواكبة التطورات الحديثة كانت من التحديات الأساسية. الأمر تطلب مني دراسة مستمرة وفهمًا عميقًا للتشريعات المحلية ومقارنتها بتشريعات الدول الأخرى. هذا الجهد المستمر ساعدني في تطوير قاعدة معرفية قوية لتطبيق القوانين بشكل فعال.
إدارة مكتب المحاماة تطلبت مني التزامًا كبيرًا، ساعات عمل طويلة، وضغطًا نفسيًا وجسديًا. تنظيم الوقت وإدارة الضغوط كان تحديًا يوميًا، خاصةً في المراحل الأولى لتأسيس المكتب. التحدي الأكبر كان تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، خاصةً بصفتي أم لابنين. هنا، كان لدعم والدتي في رعاية أبنائي أثناء انشغالي بالعمل دور حاسم في نجاحي المهني.
على الرغم من هذه التحديات، فإنها أسهمت بشكل كبير في تكويني كمحامية. تعلمت الصبر والمثابرة وزادت من إصراري على أن أكون الأفضل في مجالي. التعامل مع هذه الصعوبات عزز من قدراتي وجعلني المحامية “ريم” التي أنا عليها اليوم، ملتزمة بالدفاع عن الحقوق وتحقيق العدالة في المجتمع.
كيف تتعاملين مع المشاق والتحديات التي قد تواجهك في مهنة المحاماة؟
التعامل مع المشاق والتحديات في مهنة المحاماة يتطلب جهد ودراسة مستمرة وموازنة في الوقت، فأنا دائماً حريصة على متابعة أحدث التطورات القانونية والتشريعية من خلال الدورات التدريبية والندوات والمؤتمرات وقراءة الأبحاث والمقالات المتخصصة في السلطنة وخارجها.
ومع ازدحام القضايا والجلسات أضع جدول ووقت زمني محدد لإنهاء الأعمال الخاصة بكل قضية وهنا أحدد القضايا والمهام الأكثر أهمية وأتعامل معها وفقًا للأولوية.
ومع الضغوطات اليومية في العمل أحرص على وقتي مع ابنائي ووقتي مع والدتي فهم أغلى ما عندي، كما أحرص على ممارسة التمارين الرياضية بانتظام وأخذ قسط كافٍ من الراحة للحفاظ على طاقتي وتركيزي، فراحة العقل بالنسبة لي مهمة جداً لأن الضغط في التفكير والقراءة لساعات طويلة قد يتسبب في تشتيت الافكار والتركيز.
هل يمكنك مشاركة تجربة معينة تعتبرينها من أصعب التحديات التي واجهتها في أداء عملك كمحامية؟
أحد أصعب التحديات التي قد يواجهها المحامي هو التعامل مع قضايا تتعلق بالدعاوي الشخصية، وبالتالي نتعامل مع شخصيات بأطباع مختلفة صعب التعامل معها، فالتعامل مع بعض الاشخاص أمر ليس سهلاً، ويكون تحديًا في بعض الأحيان، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأشخاص الذين يفتقرون لبعض خصل الأداب في التعامل والتصرف بشكل غير لائق، فهذا النوع من التصرف يمكن أن يؤثر سلبًا على البيئة العملية، ولكن تعلمت بأن أظل هادئة ولا أنجر للعصبية أو الغضب وعمل حدود وعدم السماح للآخرين بتجاوزها، والتأكيد على ضرورة التصرف باحترام مع احترام الحدود الشخصية.
كما أن الدعاوي بنفسها قد يكون فيها تحديات كبيرة وتتطلب البحث العميق، وجمع الأدلة، وكان التحدي الأكبر هو مواجهة التصورات المسبقة والاحكام المسبقة الموجودة لدى المجتمع والقضاء، كما قد تكون الضغوط النفسية كبيرة بسبب الطبيعة الحساسة للقضية أو بسبب التأثير الكبير الذي يمكن أن يكون لنتيجة القضية، ففي الدعاوي المعقدة تنتصر العدالة عندما يعمل المحامي بجد ودقة وعندما يجتهد المحامي في الدعوى بما ينتج ثمار تحقيق العدالة.
كيف تؤثر القضايا المختلفة التي تعملين عليها على حياتك الشخصية والمهنية؟
التعامل مع القضايا الشخصية التي تتضمن الظلم أو العنف أو الأطفال يمكن أن تكون صعبة على المستوى الشخصي.
كما ان العمل في القضايا المعقدة قد يتطلب وقتًا وجهدًا كبير، مما قد يؤثر على الوقت الذي يمكن قضاؤه مع العائلة أو الراحة، وقد أجد نفسي مضطرة للعمل لساعات طويلة وحتى في العطلات.
فالقضايا بشكل عام تؤثر على المحامي فيجب التعامل مع هذه التحديات بشكل متوازن، ليكون محافظًا على صحته النفسية والجسدية ويستطيع مواصلة تقديم أفضل ما لديه في عمله.
ما هي النصائح التي تقدمينها للشابات اللواتي يفكرن في دخول مجال المحاماة في عمان؟
دخول مجال المحاماة مليء بالتحديات، لذا أنصح الشابات بالالتحاق بجامعة معترف بها ومعروفة بتدريس القانون لتكوين قاعدة معرفية قوية وتعزيز سيرتهم الذاتية. بعد الحصول على درجة البكالوريوس، من المهم مواصلة تحديث المعرفة من خلال الدورات التدريبية وورش العمل القانونية.
البحث عن فرص للتدريب العملي في مكاتب المحاماة يعد خطوة أساسية لاكتساب خبرة حقيقية في العمل القانوني، حيث يبدأ التطور الفعلي في هذا المجال. بعد فترة التمرين الأولية، والتي عادة ما تستمر سنتين، أنصح بالتركيز على قانون معين للاختصاص فيه، حيث يمكن للمحامية العمل في مختلف القوانين والدوائر خلال هذه الفترة.
الحصول على الترخيص لممارسة المحاماة في درجة الابتدائي يتطلب تطوير المهارات بشكل مستمر والقراءة الدائمة في القوانين، الشروح، والأحكام. هذا جزء كبير من تطوير عمل المحامي ويعتبر بالغ الأهمية للنجاح في هذا المجال.
كيف يمكن للمجتمع أن يدعم مهنة المحاماة وممارسيها في عُمان؟
دعم المجتمع لمهنة المحاماة وممارسيها في السلطنة يمكن أن يتم بطرق متنوعة، منها دعم الجامعات والمعاهد التعليمية لتطوير برامج دراسة القانون وضمان تحديثها لتواكب المستجدات القانونية المحلية والدولية وتوفير برامج تدريب متقدمة للخريجين الجدد من كليات القانون، بالتعاون مع مكاتب المحاماة والمؤسسات القانونية. فمثلاً في جمهورية مصر يجب على المحامي المتدرب يحضر دورات تدريبية وندوات وورش عمل تُنظمها نقابة المحامين بمصر لتحسين مهارات المحامي القانونية والمهنية، وتتضمن هذه الدورات موضوعات متعددة مثل أخلاقيات المهنة، والإجراءات القانونية، والترافع، وغيرها وبعد إتمام فترة التدريب، يخضع المحامي المتدرب لاختبار نهائي تنظمه نقابة المحامين. يتضمن هذا الاختبار تقييمًا شاملاً للمعرفة القانونية والمهارات العملية. وهنا النجاح في هذا الاختبار يعد شرطًا أساسيًا للانتقال من مرحلة المتدرب إلى المحامي الممارس.
كما أن تطوير وتحسين النظام الالكتروني يساهم في دعم مهنة المحاماة، و تسهيل أداء المحامين وتسريع التقاضي من خلال التقليل من الإجراءات الورقية وتبسيط العمليات الإدارية، مما يقلل من الزمن المستغرق في استعراض القضايا واتخاذ القرارات ويوفر وسائل سهلة للمحامين والمواطنين للوصول إلى المعلومات القضائية والوثائق المتعلقة بالقضايا. كما يُقلل الحضور الإلكتروني من الحاجة إلى الذهاب إلى المحكمة، ويُسهل على الأطراف المعنية، سواء كانوا محامين، أو الموكلين، أو الشهود، أو الخبراء، الوصول إلى الجلسات بسهولة. كما يُقلل من التكاليف المرتبطة بتنظيم الجلسات القضائية التقليدية، مثل تكاليف السفر والإقامة والتنظيم للمحامين.
يمكن أيضا للمجتمع دعم مهنة المحاماة بالتعاون مع وسائل الإعلام لنشر الثقافة القانونية وزيادة الوعي حول حقوق الأفراد وأهمية القانون في حياة المجتمع. فدعم المجتمع لمهنة المحاماة يتطلب تعاونًا بين مختلف الجهات الحكومية، والمؤسسات التعليمية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني. وهذا الدعم يعزز من مكانة المحامين ويمكنهم من أداء دورهم بفعالية أكبر في خدمة العدالة والمجتمع.
هل تعتقدين أن هناك تحديات خاصة تواجه المحاميات في مجتمعاتنا؟ وإذا كان الأمر كذلك، كيف يمكن التغلب عليها؟
في رأيي التحديات موجودة مثل ما هي موجودة في العديد من المهن، فيمكن أن تواجه المحاميات صعوبة في العثور على التوازن بين العمل والحياة الشخصية، خاصة مع المسؤوليات الكبيرة في مهنة المحاماة والضغوطات المهنية.
والتغلب على هذا الامر يكون بالموازنة بين ضغوطات العمل وحياتها الخاصة مثلما أسلفت، وهنا يجب على المحامية تحديد المهام الأساسية والمهمة التي تحتاج إلى التركيز عليها في العمل وفي الحياة الخاصة ومن هنا تقوم بتنظيم جدولها الزمني بشكل فعال، وتحديد الوقت للعمل والوقت للراحة والاهتمام بالأمور الشخصية.
فتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية أمر ليس سهلا فيجب أن تكون هناك حدود واضحة بين العمل والحياة الخاصة، ومشاركة زوجها في مسؤوليات الأبناء و المنزل معها ليكون كل منهم داعم للأخر.
ما هي اللحظات التي تجدينها الأكثر إشراقاً في مهنتك كمحامية؟
بالتأكيد اللحظات الأكثر اشراقا هي عندما أحقق نتائج إيجابية للموكلين وأساعدهم في حل مشكلاتهم القانونية بنجاح. فمثل هذه اللحظات تجلب لي الرضا في مهنتي كمحامية وتلهمني لمواصلة العمل بشغف وتفانٍ.
الانستغرام: reem.zadjali