هنً _ خاص
عبير رياض سلطان، شابة طموحة ومغامرة، تحمل شهادة بكالوريوس في إدارة الأعمال والتسويق، وتعمل كمديرة تنفيذية بمكتب العضو المنتدب ونائب رئيس مجلس الإدارة بمجموعة تاول. إحدى أقدم وأكبر الشركات العائلية في سلطنة عمان والتي تأسست في عام 1866. وهي أيضا عضو مجلس ادارة في شركة تاول يونيليفر، جمعية الصداقة العمانية البريطانية، جمعية الصداقة العمانية الهندية، جمعية الصداقة العمانية التركية، وقد شغلت سابقاً منصب عضو مجلس ادارة في جمعية دار العطاء.
بعيدا عن عملها هذا، فإن عبير فارسة من الطراز الرفيع وعاشقة لرياضة قفز الحواجز، وقريباً سيتحقق حلمها الذي سعت له عبر امتلاكها مشروعها الخاص الذي تأمل من خلاله تعزيز وجود هذه الرياضة في سلطنة عمان وفق المعايير الدولية.. التفاصيل في السطور القادمة:
أنت شغوفة برياضة قفز الحواجز. ما الذي جذبك لهذه الرياضة بشكل خاص؟
بصفتي شخصًا يعشق التحدي والمغامرة والمنافسة، وجدت أن رياضة قفز الحواجز تتناسب تمامًا مع طبيعتي. منذ صغري وأنا أحب ركوب الخيل والفروسية، لكنني لم أخض تجربة المنافسة في هذا المجال من قبل. عندما بدأت ممارسة قفز الحواجز، شعرت بإثارة لا مثيل لها عند قفز الحصان فوق الحاجز. ارتفاع نبضات القلب وتدفق الأدرينالين أضافا متعة خاصة لهذه الرياضة، مما جعلني أعشقها أكثر.
بمرور الوقت، ومع ازدياد معرفتي بعالم قفز الحواجز، تاريخه، فرسانه، وخيوله، اكتشفت أنها رياضة فريدة. إنها الرياضة الوحيدة التي تجمع بين قوة ومهارة الفارس والحصان لتخطي الحواجز، حيث يضع الاثنان ثقتهما الكاملة في بعضهما البعض. قفز الحواجز رياضة ممتعة للمشاهدين، بفضل تفاصيلها الفنية، تصميم ميدان القفز، وأناقة لباس الفرسان والخيل، وجولات القفز المثيرة، ولهذا تُعرف بالإنجليزية بـ”Show Jumping” لما تقدمه من متعة في المشاهدة. إنها حقًا رياضة راقية ومتميزة.
وكيف بدأت علاقتك مع رياضة قفز الحواجز؟
بدأت علاقتي بقفز الحواجز في أواخر ديسمبر 2020 عندما سجلت في مركز فروسية جديد كان يتميز برياضة قفز الحواجز. المركز جلب مدربًا دوليًا معتمدًا من خارج السلطنة، ذو خبرة واسعة في رياضة القفز، وحقق فرسان المركز في ذلك الموسم نتائج مميزة. شدتني طريقة التدريب المبتكرة وتحفيز المدرب لفرسانه، مما جعلني أرغب في أن أكون جزءًا من هذا الفريق المتميز. بدأت التدريب معه وبدأت أتعمق أكثر في هذه الرياضة.
المدرب كان له الفضل الكبير في تحبيبي لهذه الرياضة وتشجيعي وتحفيزي، حيث استثمر في تطوير مهاراتي ودفعني لإبراز كل ما لدي من إمكانيات. اقترح علي في ذلك الوقت أن أركب الحصان الذي كان يركبه، وهو حصان بطل يُدعى “شانيل” حقق المراكز الأولى. كان هذا دافعًا قويًا لي لأثبت أني قادرة على تحمل المسؤولية وثقة المدرب بي، وهكذا كانت بداية رحلتي مع قفز الحواجز.
ما هي الجوانب التي جعلتك تعشقين هذه الرياضة بشكل خاص وكيف تطورت مع الوقت؟
هناك العديد من الجوانب التي جعلتني أعشق رياضة قفز الحواجز بشكل خاص. من أول الأسباب كان الحصان “شانيل”، الذي أجرته في عام 2021. كان ركوبه يقتصر علي وعلى المدرب، وكانت مسؤولية العناية به وكل مستلزماته تقع عليّ، مما جعلني أشعر وكأنني مالكته. أحببت هذا الأمر كثيرًا وتعلقت به، وكنت أقضي ساعات طويلة في الإسطبل. رغم أنني لم أتمكن من المشاركة به في المسابقات لأن المدرب هو من كان يشارك به، إلا أن هذا دفعني لاتخاذ قرار شراء خيلي الخاص. في نهاية عام 2021، قررت اقتناء حصاني الخاص، “كابيتل”، وهو حصان كستنائي جميل، جعلني أعشق الرياضة أكثر بفضل راحته الكبيرة في الركوب والقفز.
كما أن المشاركة في المسابقات زادت من حبي لهذه الرياضة بسبب روح التنافس والإثارة التي ترافقها، حيث يعتمد الفوز على الفارس الأسرع والأدق دون أخطاء. التعمق في فنيات الرياضة وتفاصيلها زاد من شغفي أيضًا، فكلما زاد وعيي وفهمي لعالم الفروسية، وكلما تعمقت معرفتي بهذه المخلوقات الجميلة والحساسة، زاد شغفي بالرياضة.
ما هي التحديات التي واجهتك في ممارسة هذه الرياضة، وكيف تغلبت عليها؟
تتضمن رياضة الفروسية العديد من التحديات، أهمها التعامل مع كائنات حية لها مشاعر ومزاجيات متغيرة، وليست كآلات يمكن تشغيلها وإيقافها بضغطة زر. من أكبر التحديات التي واجهتها كان الضغط النفسي والجسدي. الضغط الجسدي ناتج عن الجهد المبذول في التدريبات المستمرة للمحافظة على اللياقة، والضغط النفسي يأتي من ضرورة الصبر والتعامل مع مزاجيات الخيل، إضافة إلى خطورة هذه الرياضة.
أحد التحديات الكبرى كان شراء خيلي الخاص وتحمل مسؤولية العناية به، خاصة أن الخيول الرياضية تحتاج إلى رعاية مستمرة. كذلك، الإدارة المالية كانت صعبة في البداية نظرًا لتكاليف الرياضة المرتفعة. التوازن بين الحياة المهنية، الشخصية، والرياضية كان تحديًا آخر، حيث تتطلب رياضة قفز الحواجز الكثير من الوقت والتفاني.
التغلب على الخوف من السقوط من على الخيل كان تحديًا نفسيًا رئيسيًا. كما كان قبول العائلة لهذه الرياضة ودعمي أمرًا مهمًا لتخطي التحديات. تعلمت أن السقوط جزء من اللعبة وأنه يجب النهوض مجددًا لمواجهة الخوف. التنظيم الجيد للوقت وتحديد الأولويات ساعدني في التوازن بين مختلف جوانب حياتي. دعم وتشجيع العائلة كان له دور كبير في تجاوز هذه التحديات.
كيف يؤثر تدريب قفز الحواجز على حياتك اليومية ونمط حياتك؟
ساعدتني رياضة قفز الحواجز كثيرًا في تنظيم الوقت. بطبيعتي، أنا شخص منظم وأحب أن تكون حياتي مرتبة، ولكن قبل أن أنخرط في هذه الرياضة كنت أكثر عشوائية. الآن الوضع مختلف. هذه الرياضة تتطلب وقتًا، مما أجبرني على تنظيم وقتي بشكل أفضل لأتمكن من إعطاء كل شيء حقه. علمتني الرياضة أيضًا الصبر، والعمل تحت الضغط، وضبط النفس، وتحدي نفسي لتحقيق أهدافي، والإدارة المالية. عززت في داخلي روح التنافس وعدم الاستسلام مهما كانت الظروف صعبة، كما ساعدتني على إيجاد حلول بطرق مبتكرة، وزادت من جرأتي واهتمامي بحياة صحية أكثر.
ما هي أهم اللحظات التي عشتها في مسيرتك الرياضية في قفز الحواجز؟
عشت العديد من اللحظات الجميلة في فترة قصيرة من ممارستي لرياضة قفز الحواجز. قضاء الوقت مع الخيول في الإسطبل كان متنفسًا لي بعيدًا عن ضغوط الحياة. من أجمل اللحظات كانت عندما قفزت أول حاجز أثناء التدريب، رغم أنه كان صغيرًا، إلا أن شعور النجاح كان رائعًا. شراء حصاني “كابيتل” كان لحظة مميزة، إذ شعرت كأنني وجدت ما أبحث عنه بالضبط.
مشاركتي مع “كابيتل” في أول مسابقة بحضور عائلتي وأصدقائي وفوزي بـشارة كانت من اللحظات التي لا تُنسى، وكذلك الفوز بالمركز الثالث عند قفزي لأول مرة بارتفاع 90 سم. شراء فرسي “ديلوكس” في 2023 والمشاركة بها في موسم 2023/2024 وتحقيق مركز في واحدة من أهم البطولات كانت أيضًا لحظات مميزة.
كل مرة يرتفع فيها الحاجز تملؤني الحماسة، وفخر أهلي وأصدقائي ومدربي بي يظل دائمًا في ذاكرتي. من أجمل اللحظات التي أعيشها الآن هي رؤية مشروعي الخاص يتقدم خطوة بخطوة، وتحقيق حلمي بامتلاك مشروع في الرياضة التي أحبها.
هل يمكنك أن تشاركينا بفكرة مشروعك الجديد لتعزيز هذه الرياضة في سلطنة عمان؟.. ماهي مميزاته؟
مشروعي الجديد هو إنشاء نادٍ فروسي متخصص في رياضة قفز الحواجز في سلطنة عُمان، بهدف تعزيز هذه الرياضة وتمكين الفرسان والفارسات من المشاركة في المسابقات المحلية والدولية. يتميز النادي بتصميمه وفقًا لمعايير الاتحاد الدولي للفروسية، مما يجعله قادرًا على استضافة بطولات ذات تصنيف دولي. يحتوي النادي على ميدان قفز رئيسي وميدان للإحماء، ويشرف على التدريب مدرب معتمد من الاتحاد الدولي للفروسية، بالإضافة إلى رعاية خبراء في الفروسية. كما يوفر النادي خيولًا للإيجار ويشجع الفرسان على شراء خيولهم الشخصية. توفير جميع الخدمات اللازمة للعناية بالخيل، مثل المشاية الآلية والغرف المكيفة والحقول المعشبة وغرف المعالجة بالإشعاع الشمسي، يجعل النادي مكانًا مثاليًا لمحبي رياضة قفز الحواجز في سلطنة عمان.
ما هي الأهداف التي تأملين تحقيقها من خلال هذا المشروع؟
الهدف الرئيسي هو تعزيز الرياضة في السلطنة وتشجيع الفرسان للدخول أكثر في هذا المجال وبشكل خاص النساء. الهدف أيضا هو مساعدة الاتحاد العماني للفروسية والسباق، عبر تجهيز فرسان وإعدادهم لتمثيل السلطنة كمنتخب في المشاركات الخارجية سواء كانت الألعاب الآسيوية، الأولمبيات، الدوري العربي…الخ. وإقامة بطولات ذات تصنيف دولي في عُمان بما يهيئها لاستضافة بطولات عالمية ودولية ذات تصنيف 3 و 4 و 5 نجوم، و استضافة بطولات تأهيلية إلى جانب تشجيع شركات القطاع الخاص على دعم هذه الرياضة عن طريق الاستثمار فيها.
من الناحية الشخصية، لدي حلم بوضع بصمتي الخاصة في المجتمع. على الرغم من أنني أتيت من عائلة معروفة في عالم التجارة، إلا أنني أرغب في بناء اسمي الخاص كـ”عبير”، وليس فقط كجزء من العائلة. هذا المشروع يعني لي الكثير، حيث يساعدني على بناء هويتي الخاصة وتحقيق طموحاتي في عالم الفروسية وأيضًا في المجتمع بشكل عام.
كيف تعتقدين أن هذا المشروع سيؤثر على مجتمع رياضة قفز الحواجز في سلطنة عمان؟
الحلم كبير والاهداف تعتبر صعبة لكن ليست مستحيلة. إن هذا المشروع سيشجع الفرسان على الالتحاق برياضة القفز وأيضا اقتناء خيولهم الخاصة. سيشجع أيضا الاسطبلات والمراكز الخاصة في المنافسة سواء كان بالخدمات التي يوفرونها، تجهيز الفرسان والخيول، تطوير المدربين او استقطاب مدربين دوليين، و ايضا سيساهم في خلق شراكة اقوى بين الاتحاد العماني للفروسية والنوادي و الاسطبلات و المراكز الخاصة. كما أنه سيعزز الرياضة في نظر شركات القطاع الخاص.
ما هي رسالتك للشباب والشابات خاصة الذين يرغبون في ممارسة رياضة قفز الحواجز في سلطنة عمان؟
هذه الرياضة الرائعة والتاريخية تعتبر من بين أقدم الرياضات في العالم ولها مكانة خاصة في التراث الرياضي. بالإضافة إلى ذلك، فهي رياضة أولمبية تتيح فرصًا مذهلة للشباب للمشاركة في المسابقات المحلية والدولية.
أود أن أحث الشباب على حب الخيل وفهم أهميتها، فهي ليست مجرد رياضة، بل لها مكانة دينية مذكورة في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف. كما أن قفز الحواجز يعلم الشباب العمل الجماعي والتناغم بين الإنسان والحيوان في سبيل تحقيق هدف مشترك. أيضًا تعتبر مصدرًا للسياحة الرياضية وتسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي، لذا يمكن أن تكون فرصة للشباب للاستفادة منها اقتصاديًا وترويجًا للسياحة في البلاد.
أتمنى أن يكون الشباب العماني رائدًا في هذا المجال وأن يمثل السلطنة بكل فخر وكرامة في البطولات الدولية، وأن يساهموا في بناء مستقبل قوي ومزدهر لرياضة قفز الحواجز في عمان.
هل لديك خطط لتوسيع نطاق هذا المشروع في المستقبل؟
بالتأكيد، لدي خطط مستقبلية لتوسيع نطاق هذا المشروع. سيتحقق ذلك بمساعدة الفرسان الملتزمين والدعم الحكومي والقطاع الخاص، بالإضافة إلى تشجيع الأهالي وأولياء الأمور على إشراك أبنائهم في هذه الرياضة. كلما زاد عدد الفرسان والخيول، زاد تقدم وتطور الرياضة، مما يعني تحسين مستوى الخدمات المتوفرة وتطوير النوادي والمراكز أيضًا.
يعتبر العمل الشراكة مع الاتحاد العماني للفروسية عاملًا أساسيًا لإكمال هذه المسيرة. إذا توفرت هذه الدعم والسبل، فلا شيء يمنعنا من التوسع داخل السلطنة. ومن الممكن أيضًا في المستقبل أن يكون لدينا فروع خارج السلطنة.
كيف تصفين علاقتك اليوم بالخيل؟
علاقتي بالخيل تمثل لي علاقة قوية جدًا، يمكن وصفها بأنها مثل العلاقة بين الأم وأطفالها. الخيول كائنات رقيقة للغاية، ويتعين التعامل معها بحنان ورعاية كما يتم التعامل مع الأطفال. تُعَتَّبِرُ الخيول مصدرًا للسعادة والراحة بالنسبة لي، حيث توفر لي الهدوء والسكينة بعيدًا عن صخب الحياة.
أخيراً.. ما هي طموحاتك الشخصية كفارسة؟
كفارسة، أسعى لتحقيق العديد من الأهداف والطموحات في رياضة قفز الحواجز. كالمشاركة بشكل متزايد في المسابقات المحلية وتحقيق نتائج متميزة، والمشاركة في المسابقات الدولية خارج السلطنة، سواء في دول الخليج أو أوروبا، وأطمح للوصول إلى مستوى احترافي في هذه الرياضة.
أسعى أيضًا لزيادة عدد الخيول لدي، مما يسهم في تطوير مستوى اللعبة الرياضي. وأتطلع إلى الاستثمار في الخيول من خلال إقامة إسطبلات خارج السلطنة، سواء للمشاركة في المسابقات أو لأغراض التربية والتوليد.
ختاماً أتمنى أن أكون مصدر إلهام للشباب والفتيات الذين يرغبون في الانضمام إلى هذا المجال، وفي أن أكون دافعًا قويًا لتشجيعهم ودعمهم في بداياتهم الرياضية في رياضة قفز الحواجز.