هنّ _ خاص
منذ البداية، كانت صفاء علي سيف الفهدية تعتبر الشغف هو المصدر الرئيسي لرحلتها في عالم البخور. كخريجة إعلام من كلية نزوى للعلوم التطبيقية عام 2012، كانت بداياتها عبارة عن تجارب فردية لصنع خلطاتها الخاصة، مستمدة من حب عائلتها للطيب والروائح العطرية. انطلقت هذه الرحلة من قطعة عود كبيرة تعود لوالدها أحضرها من الهند قبل 30 عامًا، ولا تزال تحتفظ بها ككنز عائلي قيّم. ما بدأته صفاء كتجربة بسيطة تجاهلتها حينها، تحول اليوم إلى رحلة ملهمة في عالم العطور والبخور، حيث تجسدت رؤيتها وإصرارها في بناء إرث فني عبق بالتاريخ والتقاليد.”
الإيمان بالشغف
كانت البداية كما تقول صفاء بسيطة، ولكنها حملت في طياتها قصة تحدي وإصرار. مجرد شغف ينبع من عمق القلب قادها لتقوم بتجارب خاصة بخلطاتها، تلك الخلطات التي نشأت بشكل عشوائي وفني بفضل وجودها في عائلة تتفاخر بحبها للطيب والروائح الفاخرة.
لم تكن رحلة صفاء سهلة طبعاً، ففي أعقاب جائحة كورونا، وبعد أن تكبدت خسائر فادحة في مشاريعها السابقة، لم تستسلم أبدًا. بدلًا من الاستسلام، انطلقت بشغفها نحو عالم ريادة الأعمال مجدداً، حيث أخذت تجربتها البسيطة في صناعة وبيع العطور والبخور تنمو بشكل لا يصدق.
كانت الرغبة في الاستمرار والتجديد هي الدافع الذي قاد صفاء إلى عالم التدريب والتعمق في صناعة العطور والبخور. رفضت الاكتفاء بمجرد البيع والصناعة، بل أخذت تسعى لنقل خبرتها ومعرفتها إلى الآخرين.
تحديات وانتصارات:
تقول صفاء: أمضيت شهور طويلة من التجارب المستمرة والبحث المكثف، حيث كانت رحلة مليئة بالتحديات والاكتساب المستمر للمعرفة. تكلفت هذه الرحلة الكثير من التضحيات المالية والجهد الشاق والوقت الطويل، تمامًا كما لو كنت أخوض اختبارًا شاملًا أو أدرس لنيل درجة الدكتوراه أو الماجستير. فقد قضيت شهورًا وسنواتٍ في تجميع أفكاري وتطوير خبرتي، حتى وصلت إلى مرحلة تدريب الآخرين. اليوم، أنا في الدورة التدريبية رقم ٥٦، ولقد قمت بتوجيه وتدريب أكثر من ١٢ ألف متدربة من مختلف أنحاء الشرق الأوسط، من بينهم من سلطنة عمان والكويت وقطر والسعودية والبحرين والإمارات ومصر وفلسطين واليمن والجزائر والعراق ولبنان والأردن والسودان وكينيا وتنزانيا وإيران والهند، فضلاً عن العديد من الدول الأخرى.
موسوعة شاملة
لم تكتفي صفاء بتقديم خبراتها من خلال الدورات التدريبية بل قامت بتأليف كتب حول ذلك. تقول: لقد قمت بإعداد كتاب شامل كموسوعة في فن صناعة البخور، يحتوي على أكثر من 100 خلطة متنوعة. بالإضافة إلى ذلك، قمت بإنشاء كتاب يكشف عن أسرار صناعة العطور واللوشنات والمخمريات، ولاقى إقبالًا كبيرًا من الزبائن ورواد الأعمال. لم يكن دوري مقتصرًا على الكتابة فقط، بل قمت أيضًا بتقديم تدريب لأصحاب المصانع والتجار، الذين نجحوا في تأسيس مشاريعهم وافتتاح محلاتهم بفضل الدعم والتوجيه الذي قدمته. كما شاركت بنشاط في مجموعة من المعارض والفعاليات لعرض منتجاتي الفريدة والمميزة.
منتجات متنوعة
تقوم صفاء بصناعة منتجات فريدة ومتميزة تشمل البخور والدخون العماني والمعمول الإماراتي الفاخر، ودقات البلوش واللواتيا ودقات العرائس، بالإضافة إلى العود الزنجباري والعود المشحم والمعطر، والعود الهندي، والصمغ العرائسي العماني، واللبان المعطر الفرنسي، ودقة الزنجبار، والعود الهندي الملكي. تشمل منتجاتها أيضًا العطور الفرنسية والشرقية والفورمونية الخاصة للمتزوجين، والمخمريات، واللوشنات المعطرة، وبخاخات الشعر والجسم بروائح مميزة. ولا ننسى جلو البلوش الأصلي للوجه، إضافة إلى مجموعة واسعة من المنتجات العطرية والطيب والمنتجات الطبيعية.
قصة ملهمة
تمثل صفاء وانطلاقتها الجديدة قصة نجاح حية تشير إلى أهمية تحول الشغف إلى روح ريادية، وكيف يمكن للإصرار والإبداع أن يغيّران حياة الأفراد ويصنعان طريقًا ناجحًا في عالم الأعمال.
فيما يتعلق بموضوع الخلطات، أستخدم بعض الخلطات المعروفة مثل صناعة دقة البلوش، حيث يتم استخدام عطر خاص بها، لكنني أقوم بإضافة العديد من العناصر والخلطات لجعل دخوني ومنتجاتي تتميز عن غيرها. كما أدمج بعض الخلطات مع العطور الفرنسية العالمية والعربية، وبعضها يعتمد فقط على عطور شرقية ممزوجة بين العود والعنبر والمسك ومختلف المكونات. في الحقيقة، صناعة البخور والعطور قد تكون غالية الثمن، ولكنها تعتبر موهبة وشغف وحرفة جميلة انغمست فيها وأخصصت لها الكثير من الجهد والوقت لنشرها في جميع أنحاء العالم، خاصة في منطقة الخليج العربي، لكي لا تفقد جماليتها وتظل حرفة تُورث بين الأجيال.
