هنّ _ خاص
عالم التصوير الضوئي مليء بالإبداع والتعبير الفني، ومن بين الموهوبين الذين برزوا في هذا الميدان، نجد الشابة العمانية نوف السيابية التي تعتبر واحدة من ألمع نجوم التصوير الضوئي الشباب رغم مسيرتها القصيرة، إذ بدأت رحلتها الفنية في عام 2020. وبالرغم من أنها كانت مبتدئة في هذا المجال، إلا أنها تمكنت من تحقيق إنجازات استثنائية.
في العام الأخير، تألقت نوف بشكل لافت حيث حصلت على الميدالية الذهبية الفردية في جوائز بينالي الشباب الدولي للتصوير الضوئي، عن عملها المميز بعنوان “غموض”. وليست هذه الميدالية الوحيدة التي نالتها، حيث حصدت أيضًا جوائز شرفية على مستوى الدول المشاركة والمستضيفة في مملكة النرويج. وهذا فقط هو بداية مشوارها الفني.
بداية الرحلة
رحلتها في عالم التصوير بدأت خلال الفترة الصعبة التي عاشها العالم بسبب جائحة كورونا في عام 2020. كانت هذه الفترة حافزًا لنوف لاكتشاف مواهبها وتنميتها. في البداية، كانت تمتهن الرسم ومجالات أخرى، ولكنها اكتشفت نفسها تستجيب بشكل خاص للتصوير الضوئي، حيث يتيح لها التعبير عن أفكارها ونقلها للآخرين من خلال الصور. وبهذا الشغف، قررت أن تواصل تطوير مهاراتها وتقديم أعمال فنية قوية.
تقول: في الأعوام الأولى من مسيرتي في عامي 2020 و2021، كنت أبني أسس التصوير الضوئي من خلال تعلم الأساسيات والمفاهيم في هذا المجال. وفي بداية عام 2022، بدأت بالمشاركة في المسابقات المحلية والدولية. الإلهام الذي دفعني لدخول هذا المجال جاء أثناء تصفحي لمواقع الإنترنت حيث اكتشفت أساليب تصوير متنوعة. قررت تجريبها وبدأت بتقليد الأفكار الموجودة على الإنترنت، ومع مرور الوقت، اكتشفت أسلوبي الخاص في التصوير وبدأت في تطوير أفكاري ورسائلي الفنية الخاصة.
تستلهم نوف أفكارها غالباً من تصوير الأطفال، حيث ترى في عفويتهم وصدق تعابيرهم وسيلة للتعبير عن الأحاسيس بشكل فريد. ومن ناحية أخرى، تجد إلهامًا كبيرًا في تصوير المناظر الطبيعية التي تحمل قصصًا ومشاعر مختلفة.
تجاوز التحديات
تقول نوف: استفدت من دعم كبير من مصادر متعددة، حيث قامت عائلتي بدور كبير في تشجيعي وتقديم الدعم الضروري لمواصلة مسيرتي في هذا المجال. فقد قدموا لي الأدوات الضرورية وشجعوني على التطور، ولا يمكنني نسيان الدور الكبير الذي لعبته وزارة الثقافة والرياضة والشباب في توفير المسابقات والدعم الذي ساعدنا على تطوير مهاراتنا وابتكاراتنا في هذا المجال. ولا يمكن أيضًا نسيان الجامعة التي درست بها، وهي جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بمسقط، حيث كان لها دور كبير في تقدمي.
ومع ذلك، كانت هناك تحديات أيضًا أثرت في بعض الأحيان على تقدمي وجعلتني أبتعد عن ممارسة التصوير. من بين هذه التحديات كانت احتياجاتي المستمرة لأدوات التصوير الجديدة. كلما شعرت بتطور مهاراتي في هذا المجال، زادت رغبتي في امتلاك كاميرا أفضل أو عدسة أفضل. وهذا الشعور كان يسبب لي بعض الإحباط في البداية. ولكن مع مرور الوقت، أدركت أن الفن ليس مرتبطًا بالأدوات بقدر ما هو مرتبط بقدرة الفنان على التفاعل مع تلك الأدوات واستخدامها بإبداع لا يضاهى، واستخراج كل إمكانياتها وإظهارها بأبهى صورها.
تستخدم نوف حاليًا كاميرا كانون 5D ومجموعة متنوعة من العدسات، بما في ذلك عدسة 50/1.8 المخصصة لتصوير البورترية. وعلى الرغم من تطور التكنولوجيا في عالم التصوير.
أفضل الصور
من بين أفضل الصور التي التقطتها بالنسبة لي، تلك التي تحمل رسائل عميقة وتثير التفكير. على سبيل المثال، سلسلة الصور حول موضوع “الاختطاف” التي تألفت من ثلاث صور توضح طرق اختطاف الأطفال. هذا الموضوع له مكانة خاصة في قلبي، وعندما قمت بتصويره وتجسيده في سلسلة الصور، أدركت قوة التصوير في نقل رسائل معنوية مختلفة. إن تصوير المواضيع الحساسة مثل هذه يمكنه أن يلقي الضوء على قضايا اجتماعية ويحث على التفكير والتحرك.
وأيضاً، هناك صورة أخرى أثرت فيّ بشكل كبير، وهي الصورة الفائزة في مسابقة التصوير الضوئي للشباب. تجذبني دائمًا هذه الصورة بسبب استخدامها الرائع للألوان والنظرة الغامضة التي تلقيها الطفلة للكاميرا. تلك الصورة تعبر بشكل فعّال عن قصة أو مشهد معين وتثير الفضول والانبهار.
نصيحة تدوم
النصيحة الدائمة التي تقدمها نوف لأي مصورة تريد أن تبدع في هذا المجال هو التطبيق الدائم حيث إن التصوير هواية يجب أن تكون مستمرة لأننا نتعلم شيء جديد فيها كل يوم، إضافة إلى أنه من المهم تجريب أساليب ليدرك المصور المجال الذي يرى نفسه فيه.
تقول نوف: “لا تقارن نفسك بالمصورين الآخرين. فقط قارن نفسك بنفسك. كيف كنت في السابق، وكيف أنت الآن؟ عندها سوف ترى الفرق، وتزيد ثقتك بنفسك، لأن المقارنة دائما ما تنتقص من حق الذات وتظلمها”.
المستقبل أمامي
طموحات وخطط نوف لا زالت كثيرة ومنها إقامة دورات في مجال التصوير الضوئي وتعديل الصور، وإنتاج أعمال فنية تحمل رسائل اجتماعية قوية. تقول: أتطلع إلى المشاركة المستمرة في المسابقات المحلية والدولية لتطوير موهبتي والتعرف على تقييمات الخبراء في هذا المجال. أيضا أسعى قريبا لتنفيذ مشروعي في تصوير الخريجين والعارضين وتصوير المنتجات، أهدف إلى تقديم أعمال تلبي توقعات العملاء من خلال النقاش المسبق لضمان توافقها مع أفكاري وتحقيق نتائج راضية لجميع الأطراف.
أخيرًا، تقول نوف: أشعر بالفخر والاعتزاز بالإنجازات التي حققتها مؤخرًا وبمساهمتي في تقدم بلدي. إنه شعور رائع أن ترى وتشعر بالتقدم الذي تحققه وأن تعرف أنك قد كنت جزءًا من ذلك التقدم. أعبر عن امتناني العميق لكل من ساهم في نجاحي وتقدمي حتى اليوم.