كان الكثير من الناس يؤمن بأسطورة أن النساء فقط يصبن بهشاشة العظام. ولكن حقيقة هذا النوع من الأمراض قد يؤثر على الأشخاص من أي جنس كان. ومع ذلك، فإن هشاشة العظام أكثر شيوعا عند الإناث منها عند الذكور.
بطبيعة الحال فهشاشة العظام هو مرض أيضي يصيب العظام ويؤدي إلى انخفاض كثافة العظام. فتصبح كثافة العظام المصابة أقل، ومن ثم تصبح العظام أكثر هشاشة، وتكون أكثر عرضة للكسر مما يؤدي إلى الكسور. ولعل النقطة الأهم هنا أن هذا المرض عموما لا ينتج أي أعراض من تلقاء نفسه. ففي حالة حدوث كسر مرتبط بهشاشة العظام، فقد يكون هناك ألم موضعي فوق مواقع الكسر!
بلا شك من المحتمل أن تصاب امرأة واحدة من كل امرأتين-حيث قد تبلغ من العمر خمسين عاما أو أكثر- بهشاشة العظام، بينما تصل النسبة إلى النصف لدى الرجال. وهنا بشكل صريح يلعب الإستروجين والهرمونات الأخرى أدوارا مهمة في كيفية بناء الجسم للأنسجة العظمية. خاصة ومع انخفاض مستويات هرمون الاستروجين أثناء انقطاع الطمث، قد تصبح عظام المرأة أضعف ويزيد خطر الإصابة بهشاشة العظام. وطبعا بخلاف انقطاع الطمث، يبدو أن عدم انتظام الدورة الشهرية (أكثر من ستة أشهر في المرة الواحدة)، أو استئصال الرحم، مع -مثلا- انقطاع الطمث المبكر من العوامل المساهمة أيضا في تطور هذا المرض.
وعلى الرغم من العواقب المدمرة لهذا المرض والمرتبطة بالكسور، وخسارة أحيانا في نوعية الحياة للمصاب، قد يتفق معي الكثير أنه لا يتم تشخيص مرض هشاشة العظام بشكل كاف ولا يتم استخدام أيضا العلاج بشكل كاف! خصوصا وأن هنالك أيضا عوامل أخرى لهشاشة العظام والكسور لدى النساء قد لايدركها الكثيرون أو يتغاضون عنها، نذكر منها-على سبيل المثال -:نمط حياة الفرد وانخفاض تناول الكالسيوم، ونقص فيتامين دال، والتدخين، وانخفاض النشاط البدني. إضافة الى أدوية كالاسترويد -مثلا-. أضف إلى ذلك بعض اعتلالات الغدد الصماء كفرط نشاط الغدة الدرقية وبعض أمراض الجهاز الهضمي كتحويل مسار المعدة. ناهيك عن الأمراض الروماتيزمية، وأمراض الكلى.
وحقيقة هنا وعلى الرغم من أن العديد من الأشخاص لا يعانون من أي أعراض حتى يصابوا بكسر في العظام (في أغلب الأحيان في الفقرات، أوالمعصم أو الحوض) ، إلا أن هناك علامات أكثر دقة يجب أن تنتبه لها تلك المريضة، منها :ألم الظهر، وفقدان الطول مع مرور الوقت، خاصة إذا ما تراءى للمريضة بأن الجزء العلوي من الظهر بدأ ينحني للأمام. بل وأحيانا قد تشتكي المريضة من أن العظم ينكسر بسهولة، ويستغرق وقتا أطول للشفاء.
طبعا إذا كانت المرأة قلقة بشأن هشاشة العظام، فالأفضل لها -ان استطعت القول -أن تتبع نهجا استباقيا لبناء عظام قوية قبل وأثناء وبعد انقطاع الطمث. بل يجب عليها وقف عادات نمط الحياة السيئة، والبدء في المشي، واستخدام المكملات الغذائية التي قد تساعد. ما أهدف هنا لقوله هو منع المزيد من فقدان كثافة العظام وتقوية العظام الضعيفة بالفعل.
لذلك يجب على المريضة والنساء -بشكل عام – أن يدركن بأن علاج هشاشة العظام يشمل الكثير من الخيارات والتي من الجيد الالتزام بها، منها وبشكل حقيقي أدوية هشاشة العظام بأنواعها المختلفة- والتي يقدرها الطبيب المختص-، ناهيك عن الحمية الصحية، والمكملات الغذائية بما في ذلك الفيتامينات المتعددة كفيتامين دال، إضافة إلى المغنيسيوم والكالسيوم. بل إنه إذا كانت المرأة قادرة، فإن النشاط البدني المنتظم من أي نوع يساعد في بناء عظام أقوى، وبناء العضلات وإبطاء فقدان كثافة العظام، وتحسين التوازن. كل هذه الأمور مهمة إذا كنت المرأة تريد أن تتقدم في العمر برشاقة وتظل نشطة في سنواتها الذهبية!
ختاما، الخبر السار هنا أن هشاشة العظام ليست جزءا لا مفر منه من التقدم بالعمر. فمن خلال اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية منه، يمكن للمرأة الحصول على عظام قوية حتى في الستينات والسبعينات من عمرها. من هنا إذا كانت لديك مخاوف، فتحدثي بها مع طبيبك، حيث أن الطريقة الوحيدة المؤكدة لمعرفة ما إذا كنت مصابه بهشاشة العظام أو انخفاض كثافة العظام الذي يعرضك بالأخير لخطر الإصابة بهشاشة العظام، هو إجراء قياس كثافة العظام. فإذا تم بالفعل تشخيص إصابتك بهشاشة العظام، فلا تيأسي!
د. يوسف بن علي الملا
طبيب-مبتكر وكاتب طبي
@DrYousufAlmull3